الذى يحمى النضال هو الشعب

الذى يحمى النضال هو الشعب

من الطبيعى إن الالتقاء باتحاد العمال العرب يمثل فى النفس ويحرك مشاعر كبيرة، إن اتحاد العمال العرب إذا كان اتحاد حقيقى وفعلى - مش بس اتحاد على الورق - يستطيع أن يفعل للأمة العربية الشىء الكثير.

والطبقة العاملة أو العمال العرب النهارده بيمثلوا الطليعة فى الأمة العربية كلها، والعامل اليوم له دوره النضالى، والشعوب هى التى تستطيع أن تحقق كل الأمانى، ويجب أن يكون العمال فى طليعة الشعوب من أجل تحقيق الأمانى.

وكل ما أتمناه أن يكون اتحاد العمال العرب مثل وقدوة للأمة العربية كلها، مثل فى إنه يكون اتحاد من أجل المثل العليا ومن أجل الآمال التى يشعر بها الشعب العامل فى جميع أنحاء الأمة العربية.

وأما أقول الشعب العامل أقصد بهذا الشعب؛ لأن الشعب الغير عامل لا يمكن أن يشعر بالمثل ولا يمكن أن تكون له آمال، لأن الشعب العامل تحققت آماله وتحققت أمانيه، الشعب العامل اللى يمثل العمال، وكل من يعمل فى أنحاء الأمة العربية.. دول لهم أمانى ولهم مثل يستطيع اتحاد العمال العرب بنضاله وبضرب المثل أن يبرهن على أن الأمانى يمكن أن تتحقق، الوحدة الفكرية بين العمال العرب تساعد على الوحدة العربية، الوحدة النضالية بين العمال العرب - ولكم فيها أمثلة كبيرة - تساعد على الوحدة العربية، والوحدة العربية بمعناها الواسع قد لا تكون وحدة دساتير ولكنها وحدة أهداف ووحدة مشاعر.

وعكس هذا أن ينعزل كل شعب عربى فى بلده العربى، ولا يهتم ولا يسأل بما يجرى فى أنحاء الأمة العربية. إذن الوحدة العربية بمعناها الواسع ومعناها الشامل، هى وحدة الشعوب ووحدة الأهداف، بصرف النظر عن وحدة الدساتير؛ لأن وحدة الدساتير قد تقابلها عقبات كثيرة وقد لا تتحقق فى مدى طويل.

إذن الأولى بنا أن نعمل من أجل الوحدة العربية بحيث إن كل شعب عربى يشعر بآمال وأمانى الشعب العربى الآخر، وكل شعب عربى يشعر بقضايا الشعب العربى الآخر، وكل شعب عربى يدافع عن الشعب العربى الآخر إذا استدعى الأمر، كما حصل فى سنة ٥٦ حينما تعرضت مصر للعدوان الثلاثى لم تكن هناك وحدة دستورية، ولكن خرج الشعب العربى فى كل بلد عربى؛ لأن الوحدة كانت فعلاً تجمع الشعب العربى فى كل بلد عربى، خرج الشعب العربى فى العراق فى أيام حكم نورى السعيد، الذى كان يبارك العدوان، والذى كان يتمنى أن ينتهى النظام فى مصر، وتعرض الشعب العربى فى العراق للرصاص واستشهد منه من استشهد.

كل هذا يدل على أن هناك وحدة عربية حقيقية تجمع أبناء الأمة العربية كلها من مشرقها إلى مغربها بصرف النظر عن الدساتير.

هناك شىء آخر أريد أن أقوله: أن القوى الرجعية وأعوان الاستعمار فى جميع أنحاء العالم العربى تتحد اتحاد قوى.. اتحاد مصالح، واتحادها من أجل ضرب القوى القومية والقوى التقدمية فى العالم العربى. من الذى يدافع عن مكاسب الشعوب العربية؟ من الذى يكافح عن نتائج نضال الشعوب العربية فى مواجهة الرجعية وأعوان الاستعمار؟

العمل العربى القومى التقدمى الخالى من التعصب؛ بمعنى أنه واجب على جميع العناصر التقدمية والقوى التقدمية فى كل أنحاء العالم العربى وفى كل بلد عربى أن تتحد لمواجهة أعوان الاستعمار والقوى الرجعية، كل القوى القومية يجب عليها أن تتحد وتتنازل جميعها عن أنانيتها، وإلا فسيستطيع أعوان الاستعمار وتستطيع الرجعية أن تضرب القوى القومية والقوى التقدمية فى معاقلها.

من الذى يحمى النضال؟ الذى يحمى النضال هو الشعب، والشعب العامل هو الطليعة والعمال هم الطليعة؛ لإن المبادئ التقدمية والعمل من أجل التقدم إنما يعنى أن يحصل الشعب العامل وتحصل الطبقة العاملة على حقوقها المسلوبة بواسطة الاستغلال أو بواسطة رؤوس الأموال الأجنبية، وأن الطبقة العاملة والشعب العامل يحصل على نسبة متكافئة، وأن يتحول إلى مجتمع يتساوى فيه جميع الناس، لا يكون هناك ميزات طبقية.. دى آمال الطبقة العاملة ودى آمال الشعب العربى.

إذن إذا كان لكم آمال يجب أن تكونوا فى طليعة النضال، ويجب على القادة اللى وصلوا يمكن إلى مراكز كويسة إنهم لا ينفصلوا عن القواعد العمالية؛ لإن الانفصال عن القواعد العمالية يوقع القواعد العمالية فى براثن الرجعية وأعوان الاستعمار.

وكلنا نعرف أن الطبقة العاملة ناس طيبين يمكن يرضوا بالقليل، وفكرهم فكر بسيط وقد تستطيع الرجعية، ويستطيع الاستعمار وأعوانه أن يضربوا القوى التقدمية بالطبقة العاملة؛ بأن يضللوا الطبقة العاملة ويحرفوها عن أهدافها، ويزينوا لها المعانى والتصورات المختلفة، ويمكن عندكم كلكم تجارب فى هذه المواضيع.

من واجبنا أن نعبئ القوى العاملة، من واجبنا أن نكون طليعة للنضال، من واجب العمال فى جميع أنحاء الوطن العربى أن يتصدوا للرجعية والاستعمار وأعوان الاستعمار، من واجب العمال فى جميع أنحاء العالم العربى أن يكون لهم دور أساسى فى التوحيد بين القوى التقدمية والقوى القومية ويكون لها دور نضالى ودور طليعى؛ لإن أى نكسة أول من يصاب بها العمال، وأى نكسة أول من يتأثر بها... ولما حصل الانفصال فى سوريا - وجا بالحكم الرجعى - أول من أصيب وأول من أضير فى الحكم الانفصالى كانوا العمال، وأظن أن الإخوان السوريين اللى موجودين فى المصانع اللى أممت واللى فك تأميمها والامتيازات اللى خدوها العمال، أول الرجعية ما استولت على الحكم قضت على كل المكاسب العمالية.

إذن، من الذى يضار بنجاح الرجعية وأعوان الاستعمار؟ الشعب العامل.. الطبقة العاملة.. القوى العاملة.. الفلاحين اللى هى القوى اللى تعمل من أجلها القوى التقدمية وتعمل من أجلها القوى القومية، ومن الذى عليه الحفاظ على الثورة العربية والمكاسب العربية والنضال العربى؟ الشعب هو الوحيد الذى يستطيع أن يحافظ على الثورة والأهداف والأمانى والآمال، الشعب هو الذى يستطيع أن يناضل ليحقق المكاسب.

بيقول لى الوفد السورى أنت مسئول عن الوحدة، أنا باقول للوفد السورى: لا.. أنا مش مسئول عن الوحدة.. الشعب العربى فى كل بلد عربى هو اللى مسئول عن الوحدة لسبب بسيط إن كل واحد بيجى ويمر وينتهى، كل شخص بياخد أيامه وبياخد عمره وينتهى، أما الشعوب فلا تنتهى، الشعوب مستمرة منذ بدأت الخليقة إلى أن تنتهى الحياة، الشعوب تستطيع أن تفعل المعجزات.

وواجبكم أنتم - العمال العرب - أن تكونوا فعلاً طليعة النضال العربى، طليعة التقدم، طليعة القومية العربية، تضربوا المثل لكل الشعوب العربية بالتضحية والفداء، والعمل من أجل رفعة الأمة العربية؛ لأنكم الجنود التى تستطيع أن ترفع فعلاً الأمة العربية، عندنا الجنود فى الميدان تستطيع أن تحقق الانتصارات، وتستطيع أن تدافع عن أراضينا، أما العمال فهم الجنود الذين يمكن لهم أن يبنوا فعلاً الوطن العربى، ويبنوا القدرة العربية، ويطوروا الأمة العربية من دول متخلفة إلى دول نامية إلى دول متقدمة، تستطيع بهذا أن تحقق ما تريد بدون الاعتماد على أى قوى أجنبية. ووفقكم الله.

والسلام عليكم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كلمة الرئيس جمال عبد الناصر وهو يستقبل أعضاء المؤتمر العام لاتحاد العمال العرب