«مبيلو ديزموند توتو».. المناضل الباسم

«مبيلو ديزموند توتو».. المناضل الباسم
أحد أهم رموز النضال ضد الفصل العنصري، ذاك الناشط القومي صاحب القضية الأسمي، خليفة مانديلا، ورفيق كفاحه، بل والداعم الابرز للفلسطينين، والمدافع الدائم عن القضية الفلسطينية، متحدثاً عنها ومُذكراً العالم بها في أكبر المحافل الدولية العالمية، والحائز علي  نوبل للسلام عام ١٩٨٤م، تكريماً لتلك الجهود والكفاح، والتي عُدت وقتها صفعة قوية من جانب المجتمع الدولي، للحكام البيض بجوهانسبرج، واعتراف بحق السود في ممارسة حقوقهم المدنية دون انتقاص.
عاش كبير الأساقفة «مبيلو توتو» وفياً لقضيته، محاولاً الانتصار لها بسلمية تامة، وخلقٌ حسن، طاغياً عليه روح الواجب ومفهوم النضال، والتضامن مع ضحايا العنف والعنصرية، ورغم ذلك، عُرِّف ببسمة مبهجة، لم تفارقه حتي لفظ آخر أنفاسه اليوم عن عمر يناهر ٩٠عاماً.
وُلد «ديزموند توتو» في عام ١٩٣١م بقرية صغيرة قرب إقليم «ترانسفال» انضم للكنيسة، وتعلم الفلسفة وعلم النفس واللاهوت، ثم اكمل تعليمه بجامعة لندن، وعمل مدرساً ولكنه ترك مهنته عقب بدء تطبيق قانون تعليم «البانتو» في عام ١٩٥٣م، وهو القانون الذي أدخل الفصل العنصري في المدارس في آنذاك، ثم عين كاهناً للكنيسة والتي تأثر فيها بعدد كبير من رجال الدين المطالبين بحقوق الانسان، ونبذ العنف، وكانت هي نقطة البداية لنضاله ضد العنصرية.
كما شغل «توتو» منصب أول رئيس أسود للكنيسة الانجليكانية بجوهانسبرج عام ١٩٧٥م، وتدرج بعدها في المناصب والتي كان من بينها، شغله لمنصب رئيس لجنة الحقيقة والمصالحة، حيث كانت مهمته تتمثل في البحث حول دلائل الجرائم التي وقعت إبان عصر الفصل العنصري، واصدار توصيات بشأن المفترفون باقترافهم تلك الجرائم، إلا ان اللجنة لم تؤدي الاهداف التي شُكلت من اجلها، ربما بسبب تضيق ما تعرضت له آنذاك.
أيضاً شغل منصب رئيس أساقفة الكنيسة الانجليكية وفي عام ١٩٨٨م، ابان رفضه وادانته لكل أعمال العنف التي تقترفها حكومة الفصل العنصري ضد السود قائلاً «نرفض ان نُعامل كممسحة أرجل تمسح الحكومة أخذيتها عليها»
وهو الرجل البغيض في عين الكيان الاستيطاني، فيُروي عنه أنه قال «كيف لشعب كاليهود أن يفرض هذا الكم من المعاناة على الشعب الفلسطينن»!!!.
وهكذا لم يخشي ذلك الزعيم الروحي ابداً قول الحق، عند سلطان جائر، بل قالها في عُقر داره، فخلال زيارته لانجلترا في ابريل ١٩٨٩م، وصف بريطانيا بـ«بريطانيا ذات الأمتين» مُعبراً عن انتقاده لها كبلد تهدف بالحرية وسجونها تعج بالمعتقلين ذوي الأصول الافريقية.
وإلي جانب جائزة نوبل، فقد حصل «توتو» علي جائزة «تمبلتون» الشهيرة، والهادفة إلي تكريم الأحياء "الذين تركوا بصمة واضحة في مجال تأكيد الأبعاد الروحية للحياة، وربما في هذا السياق ظن أن ليس فاجعة لافريقيا بعد فقدها لمنديلا اكبر من فقدها لخيلفته «توتو» صوت السود في جنوب إفريقيا، ورمز النضال ضد النظام العنصري الأبيض الذي أطاحت به الديمقراطية منذ أكثر من ثلاثون عاماً، والذين أبّوا إلا أن يتروكو لنا افريقيا مُحررة، لروحهما المغفرة والرحمة والسلام.