نظرة في قانون الأحوال الشخصية "الخُلع في القانون المصري"

نظرة في قانون الأحوال الشخصية "الخُلع في القانون المصري"

الجزء الأول "المخالعة في القانون المصري"

بقلم/ أميرة  حسب الله

بالبداية نحب التنويه إننا عن طريق سلسلة مقالات خاصة بقضاء الأحوال الشخصية سنتطرق لعدة مشكلات مطروحة على الساحة المجتمعية يشوبها التأويل والخلط ويجب أن يشوبها التعديل والتصحيح والنظر والتدقيق من المشرع المصري في ذات الوقت ونبدأ بأولها الخلع!

ولأن الأسرة أساس المجتمع كما ورد بالمذكرة الإيضاحية لتعديلات قانون الأحوال الشخصية رقم١٠٠ لسنة ١٩٨٥.

 وكلما قويت الأسرة أشتد ساعد المجتمع، فقد ذكرنا المولي عز وجل بذلك المفهوم في سورة الحجرات الآية ١٣ " يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم" صدق العزيز الكريم الرحيم ، وكما جاء تعريف الزواج بالمادة ١٥من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس "الزواج سر مقدس يثبت بعقد يرتبط به رجل وامرأة ارتباطا علنياً طبقاً لطقوس الكنيسة.... بقصد تكوين أسرة جديدة والتعاون على شئون الحياة ".

فكما بدأ الله الخليقة بآدم عليه السلام ثم حواء ووضع لنا كثيراً من بيان ركائز الحياة والعلاقات الأسرية بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة فكان يجب على الأفراد إتباع ذلك المنهاج للأبد بشيء من التكييف الزمني على اختلاف العصور؛ وقد أتضح لنا بالشريعة وسائل التفريق الأسري القويم وهو " أبغض الحلال " عند استحالة استمرار الحياة الزوجية والتي منها:

المخالعة في القانون المصري أو الخلع: هو ببساطة تطليق الزوجة من زوجها قضائياً عند بغضها الحياة الزوجية وعدم رضاء الزوج بالحلول الودية في التفرقة، وتلجأ المرأة لذلك سواء مجني عليها أو جانية في بعض الحالات وفيما يلي سوف نعرض المشكلة ببعض التوضيح:

من منظور مجتمعي

المخالعة من المنظور المجتمعي في وجهه نظر الرجل هي جريمة كبري ترتكبها في حقه من كانت زوجته؛ تذبح بها كرامته وتهدر رجولته وتودي به لبئر العار والمذلة والهوان ،فلا يحاسب نفسه ولا يتوقع أن ما حدث ربما رد فعل لخطأه ،وأحياناً أخري يكون مجني علية تابع لغطرسة نفسية ولكن يجب عليه أيضاً محاسبة نفسه لأن هذه النفسية المريضة المتغطرسة هي اختياره منذ البداية ؛فًضل المال والمركز الاجتماعي علي الدراسة الروحية الإنسانية لمن تشاركه درب العمر، أو اختيار أهله الذي لا يعترض عليه فمن واجبات الأبن البار هي الطاعة ، لا ينظر لمسئوليته القادمة تجاه نفسه أو تجاه زوجة لا يعلم خبايا نفسها أو تجاه صغار لا يعلمون من الحياة إلا ما تعلمهم الحياه إياه .

 ومن وجهه نظر المرأة هي اللطمة التي توجهها للزوج المستبد للانتقام منه مما أقترفه في حقها من إهدار كرامتها وإنسانيتها.

ببعض الأحيان كنموذج وليس علي سبيل الحصر تكون المرأة هي الجاني وليست المجني علية فالمستحدثات المجتمعية وغياب الأخلاق والتربية والنفسيات المريضة أحياناً تجعل المرأة تلجأ لمخالعة زوجها فقط لإعطائه اللقب نكاية فيه أو غيرة منه أو تمثيلاً ومقارنة لأقرانها ؛لا تنظر لأطفالهم أو مودة أو عشرة فيما بينهم ، بمجرد أن يدب الخلاف فلا مجال للحلول، الحياة سريعة في الزواج وسريعة في الأطفال وسريعة في الانفصال دون وقوف علي خطوات الزمن ومحاسبة الذات المخطئة بطبعها ؛ الجميع يظن أنه منزه عن الأخطاء ؛ملائكة في زمن الحروب المعلوماتية والنت ووسائل التواصل الاجتماعي .

من وجهه نظري لا أتحامل على كل امرأة طلبت تطليقها خلعاً فلكل حالة ظروفها على حدا فمنهن ما تكافح أيام وشهور، بل سنين لتجنب هذه النهاية الوخيمة وخاصاً عندما يكون لديها أطفال فتصبح هي الأب والأم لهم في آن واحد .

من منظور ديني

المخالعة هي طلاق علي الإبراء مع رد مقدم الصداق افتداء المرأة لنفسها؛ كثيراً ما يظن المجتمع أن فكرة الخلع هي مستحدثة علي عكس الواقع فهي بالبداية بأول خلع عرفة الإسلام وارداً في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه أن جميلة أمراه ثابت بن قيس جاءت للرسول الكريم (ص) فقالت: ثابت بن قيس لا اعتب علية في خلق ولا دين ولكني أكرة الكفر في الإسلام فقال الرسول(ص) أتردين علية حديقته وكانت مهرها فقال الرسول(ص) ل ثابت بن قيس أقبل الحديقة وطلقها تطليقة.

والكفر المذكور بالواقعة أنها تكره إن استمرت معه تقع فيما يقتضي الكفر من كفران العشير وتقصيرها في حقه فلقد كان من الصحابة الصالحين المنشود له بالجنة.  

وفتوي دار الإفتاء المصرية أن علي الزوجة التي ترغب في أن تختلع من زوجها أن ترد إليه المهر الذي أخذته منه بسبب الزوجية وهو الشبكة ومقدم الصداق ومتاع الزوجية الذي أتي به وأيضاً عليها أن تتنازل عن حقوقها المستقبلية من نفقتي العدة والمتعة والمؤخر المتفق علية بعقد الزواج  .

من منظور قانوني

لقد تم النص في القانون المصري علي المخالعة أو الخلع بقانون الأحوال الشخصية رقم ١ لسنة ٢٠٠٠ م في المادة ٢٠:

" للزوجين ان يتراضيا فيما بينهما على الخلع، فان لم يتراضيا عليه واقامت الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية وردت عليه الصداق الذي أعطاه لها، حكمت المحكمة بتطليقها عليه.

ولا تحكم المحكمة بالتطليق بالخلع إلا بعد محاولة الإصلاح بين الزوجين، وندبها لحكمين لموالاة مساعي الصلح بين الزوجين، خلال مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر وعلى الوجه المبين بالفقرة الثانية من المادة ١٨ والفقرتين الأولى والثانية من المادة ١٩ من هذا القانون، وبعد ان تقرر الزوجة صراحة أنها تبغض الحياة مع زوجها وانه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض ولا يصح ان يكون مقابل الخلع إسقاط حضانة الصغار او نفقتهم او أي حق من حقوقهم. ويقع الخلع في جميع الأحوال طلاق بائن، ويكون الحكم- في جميع الأحوال- غير قابل للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن."

ولتوضيح نص المادتين المذكورين بالمادة السابقة وهم:

مادة ١٨والتي تنص علي:

تلتزم المحكمة في دعاوى الولاية على النفس بعرض الصلح على الخصوم، ويعد من تخلف عن حضور جلسة الصلح- مع علمه بها- بغير عذر مقبول رافضا له.

وفى دعاوى الطلاق او التطليق لا يحكم بهما إلا بعد ان تبذل المحكمة جهدا في محاولة الصلح بين الزوجين وتعجز عن ذلك. فان كان للزوجين ولد تلتزم المحكمة بعرض الصلح مرتين على الأقل تفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوما ولا تزيد على ستين يوما.

مادة ١٩ والتي تنص علي:

في دعاوى التطليق التي يوجب فيها القانون ندب حكمين على المحكمة ان تكلف كلا من الزوجين بتسمية حكم من أهله- قدر الإمكان- في الجلسة التالية على الأكثر, فان تقاعس أيهما عينت المحكمة حكما عنه.

وعلى الحكمين المثول امام المحكمة في الجلسة التالية لتعيينهما ليقررا ما خلصا اليه معا، فان اختلفا أيهما عن الحضور تسمع المحكمة أقوالها او أقوال الحاضر منهما بعد حلف اليمين.

وللمحكمة ان تأخذ بما انتهى اليه الحكمان او بأقوال أيهما او بغير ذلك مما تستقيه من اوراق الدعوى.

الحل التشريعي من وجهه نظري

لقد قدم المشرع المصري المشكلة وحلها وكيفية تطبيقها في ثلاث مواد شائكة علي قدر عالي من الدقة بداية من التراضي علي المخالعة والافتداء والتنازل عن الحقوق المالية الشرعية ورد الصداق ومحاولات الإصلاح عن طريق حكمين وما يتبع كل ذلك من إنهاء العلاقة الزوجية؛ أحياناً يتم التحايل علي القانون عن طريق إعلان الزوج بعنوان وهمي أو غير عنوان إقامته الفعلي أو أثناء سفره خارج البلاد ولا يعلم إلا بعد انتهاء الدعوي وأحياناً أخري تكون إجراءات الصلح وندب الحكمين الشرعيين عن طريق القضاء مجرد إجراء شكلي ورسوم تسدد لخزينة المحاكم ليس إلا دون التدقيق بملف الدعوي المطروح فكاهل القضاء مثقل بالكثير من الدعاوي ولكن عندما يتعلق الوضع بالأسرة والفرد الذي هو لب المجتمع فيجب الوقوف علي هذه النقطة ؛

١- يجب إتباع نظام عقد الاتفاق في الانفصال يكون مثل عقد الزواج يحدد فيه رغبات الأطراف وما تم الاتفاق علية بخصوص الأوضاع المالية بخلاف عقد الاتفاق الخاص بنفقات الأطفال وأجورهم أن وجد أطفال.

٢- يجب تغليظ الإجراءات المبتداه منذ التسوية الأسرية وحضور الممثل القانوني – المحامي – لا يغني عن وجود طرفي العلاقة الزوجية حتي لا ينساق لفئة هذه الدعاوي أصحاب الهوي .

٣- يجب حضور الطرفين للخصومة أمام منصة القضاء وعدم حضور الزوج يلغي اكتمال الخصومة المنعقدة ويترتب علي ذلك اعتبار الدعوي كأن لم تكن.

٤- يجب بحضور الطرفين أن يتم الاتفاق أثناء نظر الدعوي علي الرد الحقيقي والفعلي لمقدم الصداق والمهر المتعارف علية وكذلك التنازل عن باقي الحقوق المالية الشرعية للزوجة دون ضغط علي أي من أطراف الخصومة.

٥- أن يكون دور الحكمين مفعل للطرفين ويتم تسديد رسوم أمانة الخبراء الشرعيين من الطرفين وتقاعس أي من الأطراف عن تنفيذ قرار منصة القضاء الموقرة يُغرم فعلياً ويكون التقرير النفسي والاجتماعي والديني علي قدر من الاستبيان والوضوح لكلا الطرفين فما يُنقش بعدة حروف يبني علية مستقبل أسرة بل مستقبل مجتمع ودولة .