الباحثة زينب إبراهيم تكتب: الرجبي و القضاء على التمييز العنصري بجنوب أفريقيا

الباحثة زينب إبراهيم تكتب: الرجبي و القضاء على التمييز العنصري بجنوب أفريقيا

Rugby ball الرجبي 

        تنطق بالعربية " الرجبي ، الركبى ، الرغبى "  وتندرج تحت ألعاب كره القدم ،  نشأت في إنجلترا في القرن ١٩ م ،وأنشأت قواعد اللعبة الأولى عام ١٨٤٥ ، وفى عام ١٨٨٦ تأسس مجلس الرجبي الدولي  ، ولها مكانة وشعبية في العديد من الدول ،و نجد أن رياضة الرجبي تحتل مكانة جيدة في قلوب عشاقها والمتابعين في جميع دول العالم خصوصاً  في أمريكا ودول أروبا ، وفى جنوب إفريقيا تحظى بشعبية كبيرة. 


          لعبة Rugby Sevens هي نسخة مختصرة من اتحاد الرجبي ، تلعبها فرق مكونة من سبعة لاعبين على مدى نصفين مدتهما 7 دقائق ،عادة ما يتم لعب المسابقات الدولية في شكل بطولة. بينما تكون المدة أقصر ، فإن متطلبات الحركة لسباعيات الرجبي لكل دقيقة من وقت المباراة أكبر من اتحاد الرجبي، ويوجد العديد من الاختلافات بين  دوري الرجبي واتحاد الرجبي، ولكن الفرق الرئيسي هو عدد اللاعبين. فرق دوري الرجبي مكونة 13 لاعباً، بينما فرق الاتحاد مكونة من 15؛ ويتكون كل فريق من الرجبي من عدد 15 لاعباً، حيث ينقسم الفريق إلى مجموعتين معروفة باسم الأمام والخلف، بالإضافة إلى وجود عدد 8 مهاجمين، وسبعة ظهور.  ((christine E Dziedzic،2014
رياضه الرجبي في جنوب أفريقيا : 
           تستكشف لعبة الركبي الدور المعقد والمثير للجدل لاتحاد الرجبي في السياسة والثقافات في جنوب إفريقيا ، منذ ظهورها كقوة استيطانية في أوائل القرن العشرين وحتى حقبة ما بعد الفصل العنصري.

أهملت التحليلات التاريخية والسياسية التقليدية لجنوب إفريقيا في كثير من الأحيان الدور الحيوي للرياضة بشكل عام ، والركبي على وجه الخصوص ،  نسعى هنا إلى سد هذه الفجوة من خلال تفسير نقدي لدور الرجبي المتجاهل فعليًا في جنوب أفريقيا، ودوره في تشكيل الانقسامات الاجتماعية الهامة ومركزيته في عصر الفصل العنصري . كما سننظر في التأثير قوي الرجبي الدولية في تشكيل "هوية وطنية".(.     David Ross Black,1998    )
        رياضه الرجبي من الألعاب الشعبية والمنتشرة بدوله جنوب إفريقيا ، بجانب لعبه الكريكت وكره القدم ، ويعد المنتخب الوطني في جنوب أفريقيا من أقوى الفرق في العالم ولقد صنف من ضمن المراكز السبعة الأولى فى تصنيفات الرجبي  العالمية.


ودائما وأبدا تظل الرياضة في أي مجتمع إنساني جزء لا يتجزأ من مكوناته الأساسية  نجدها متأثره ومؤثره فيه ،لذا نجد  لعبه الرجبي متشابكه مع السياسة عامه والسياسية العرقية خاصه.


        السنوات الأولى لوجود الرجبي في جنوب إفريقيا تم تبنى اللعبة بحماس وعاطفة من قبل سكان جنوب أفريقيا في مستعمرة كيب ، ولكن منظمه الرجبي " التي تم تشكيلها في عام ١٨٩٦" قررت الفصل بين الفرق مع التمييز ضد اللاعبين أصحاب البشرة البيضاء والبشرة السمراء.


وحين وصلت حكومة الفصل العنصري إلى السلطة  شرعت بشكل منهجي على أسس عرقية  الفصل بين الفرق ، ورأت الفرق الرياضية الأجنبية المتجهة إلى جنوب إفريقيا من الضروري استبعاد اللاعبين غير البيض. 


وكان نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا وصل حد الفصل بين جماهير المباريات حتى في المدرجات.


ازداد النقد الدولي للفصل العنصري في جنوب إفريقيا وكان ذلك في أعقاب خطاب "رياح التغيير " لرئيس الوزراء البريطاني . (Lynette Steenveld, Larry Strelitz,1998)
نيلسون مانديلا وتوظيف الرجبي للقضاء على التمييز العنصري : 
واجه مانديلا انقسام في صفوف شعبه نتيجة للعنصرية السائدة في البلاد بين أصحاب البشرة السمراء الأغلبية وأصحاب البشرة البيضاء الأقلية، وكان لابد لإيجاد حل لتلك الأزمة .


لم يكن من السهل تفتيت ثقافة التميز العنصري بين أبناء الشعب من أصحاب البشرة البيضاء والسمراء فقد شبوا على ذلك وبات جزءًا  لا يتجزأ من التنشئة الاجتماعية  والثقافية،

لذا لجأ  مانديلا  إلى الرياضة  وخاصه رياضه الرجبي وأعتبرها فرصته الذهبية لمحاوله إنهاء التمييزالعنصرى وفى عام ١٩٩٥ م نظمت بطوله كأس العالم للرجبي ، وكان أول حدث مهم يقام في البلاد في ثوبها الجديد .
حيث أن جنوب أفريقيا حصلت على تنظيم كأس العالم للرجبي عام 1995، وكان المنتخب الجنوب أفريقي للرجبي معظمه من أصحاب البشرة البيضاء ، وكان الجمهور لا يحضر المباريات، وإذا حضر شجع الفريق الآخر، وليس منتخب بلده،

وهو الأمر الذى جعل الفريق في حالة معنوية سيئة قبل شهور من تنظيم كأس العالم، فما كان من الزعيم مانديلا إلا أن ساند منتخب بلده وأتاح لهم جميع الإمكانيات اللازمة ، الأمر الذى تعجب منه أصحاب البشرة السمراء فى جنوب أفريقيا، حيث كان من المتوقع أن يأمر باستبعاد هذا الفريق، وأن يأتي بفريق آخر بشرتهم سمراء كنوع من الانتقام لما مر به في السجن من اضطهاد.


وتأثر فريق الرجبي بالإيجاب بعد مسانده منديلا له ، ورفع  ذلك من روحهم المعنوية ، وقام العديد من أصحاب البشرة السمراء مسانده الفريق عكس ما كان يحدث في الماضي ،ولعب الفريق في كأس العالم وفازت جنوب إفريقيا بالبطولة ، وكان ذلك أول خطوه في القضاء على العنصرية في جنوب إفريقيا .


فأستطاع مانديلا  كسر الحاجز بين سكان البلاد سواء أصحاب البشرة البيضاء أو السمراء بواسطه لعبة "الرجبي"، حين قدم منديلا بيديه كأس البطولة التي فازت به بلاده في حينه، إلى قائد المنتخب فرانسوا بينار، ما فتح الباب واسعا أمام أصحاب البشرة السمراء للدخول إلى هذه اللعبة عام ١٩٩٥ م .


وتم تجسيد هذا الموقف من حياه الزعيم نيلسون مانديلا في فيلم Invictus بطولة الممثل العالمي الأمريكي مورجان فريدمان.

مرت السنوات وفى عام ٢٠١٩ ، رفع أول قائد من أصحاب البشرة السمراء سيا كوليي ، كأس العالم للرجبي للمرة الثالثة وتضم الصورة فريق الرجبي مكون من أعضائه سواء أصحاب البشرة السمراء أو البيضاء ؛ وهذا اللقب سيعيد توحيد أبناء جنوب أفريقيا . (Albert Grundlingh,2017).