الدكتور على الحفناوي يكتب: الجمهوريات

الدكتور على الحفناوي يكتب: الجمهوريات
أتعجب من السادة مدعى الثقافة السياسية الذين يتحاورون حول ما إذا كانت مصر ماضية فى عهد الجمهورية الثانية أم الرابعة أم لاتزال تحبوا فى أروقة الجمهورية الأولى. هم يبحثون عن التشبه بالتاريخ الفرنسى وترقيم الجمهوريات بها عبر أحداث التاريخ الحديث. لذلك قد يكون مناسبا اعادة سرد بعض أساسيات الجمهوريات الفرنسية بعد قيام الثورة فيها، حتى نكف عن التشبه بها.
• قيام الثورة الفرنسية عام ١٧٨٩. فترة زعزعة وعدم استقرار. اعلان الجمهورية الفرنسية عام ١٧٩٢ ثم اعدام الملك لويس السادس عشر عام ١٧٩٣ ومحاولة فرض الاستقرار مع عدم تعيين أو انتخاب رئيسا للجمهورية حتى نهاية الجمهورية الأولى عام ١٨٠٤.
• يتولى الجنرال نابليون بونابارت أمور البلاد تحت مسمى قنصل عام وهو فى التاسعة والعشرين من عمره عام ١٧٩٧، يسيطر على أمور السياسة الفرنسية والأوروبية (ويقود حملته الاستراتيجية على مصر وهو فى الثلاثين من عمره).
• بونابرت يحكم بديكتاتورية وأهداف اصلاحية ويعين نفسه امبراطورا عام ١٨٠٤ وينهى عصر الجمهورية الأولى ويظل على عرش فرنسا والعديد من دول أوروبا حتى عام ١٨١٤.
• انتهاء الامبراطورية الأولى والعودة للملكية وتولى عرش فرنسا ثلاث ملوك حتى عام ١٨٤٨.
• اعلان الجمهورية الثانية عام ١٨٤٨ وانتخاب ابن شقيق بونابارت، لويس نابليون رئيسا لها.
• هذا الرئيس يقوم بالانقلاب على الجمهورية بعد أربع سنوات، ويعلن قيام الامبراطورية الثانية ويعين نفسه امبراطورا تحت مسمى نابليون الثالث، ويقود حملات ضد أعداءه للسيطرة على البلاد فيقتل الآلاف، ويبقى فى الحكم حتى عام١٨٧٠. (زوجته الأسبانية هى الامبراطورة أوجينى التى حضرت افتتاح قناة السويس).
• بسبب تهور نابليون الثالث على "بروسيا" عام ١٨٧٠، خسرت فرنسا حربها وسقط الامبراطور فى قبضة الألمان بعد معركة "سيدان" وانتهت الامبراطورية.
• ١٨٧٠: اعلان الجمهورية الثالثة التى استقرت كجمهورية نحو سبعين سنة حتى الحرب العالمية الثانية، ثم اعلان الجمهورية الرابعة حتى ١٩٥٨، وقيام دي جول بتغيير الدستور جذريا واعلان الجمهورية الخامسة القائمة حتى الآن.
إذن استقرار الجمهورية الفرنسية لم يأتى إلا بعد ٨١ سنة من قيام الثورة. أول جمهورية كان عمرها أقل من عشر سنوات وبدون رئيس، ولم تعرف بهذا الاسم إلا فى كتب التاريخ. ثانى جمهورية استمرت أربع سنوات فقط وانقلب عليها رئيسها. أما النظام الجمهورى، فلم يستقر إلا بعد أحداث تاريخية جسيمة.
فيا نخبة التوك شو، كفاكم مقارنات. مصر لها تاريخها وثوراتها ودساتيرها. فمنذ ثورة عرابى إلى ثورة ١٩ إلى ثورة ٥٢ إلى الآن، وضعت دساتير وقامت حروب وسرقت ثورات... أما جمهورياتنا، فلا تحتاج إلى ترقيم.