يوم نانى نانى (يوم المزارعين) في تنزانيا

يوم نانى نانى (يوم المزارعين) في تنزانيا

إعداد فريق قسم اللغة السواحيلية 

"يوم المزارعين" هو حدث خاص للمزارعين والرعاة في تنزانيا، وهو يوم عطلة وطنية رسمية يحتفل به كل عام في 8 أغسطس. وقبل ذلك، كان يتم الأحتفال به في 7 يوليو، ويعرف باسم "سابا سابا"، ولكن في منتصف التسعينيات قررت الحكومة الأحتفال بيوم المزارعين في 8 أغسطس من كل عام، وترك يوم 7 يوليو (سابا سابا) يومًا لرجال الأعمال وأصحاب الشركات، لذلك خُصص يوم 8 أغسطس للأحتفال بالمزارعين والمربين كحدث خاص لهم فقط.

تم الاحتفال لأول مرة بيوم المزارعين في تنزانيا في 8 أغسطس 1977، ويُعرف هذا اليوم أيضًا باسم "نانى نانى"، وهو يعد بداية حركة التعاون الزراعي في البلاد، ومع ذلك، أصبحت الاحتفالات بهذا اليوم أكثر تنظيماً واعترافًا رسمياً عندما أعلن الرئيس جوليوس نيريرى هذا اليوم كعطلة وطنية في الستينيات بعد استقلال تنزانيا، أقر نيريري هذا اليوم لتعزيز التعاون الزراعي وتقدير دور المزارعين في الاقتصاد الوطني، وهي خطوة تعكس أهمية الزراعة في تنزانيا.

جوليوس نيريري، الذي يُعتبر الأب المؤسس لتنزانيا وأول رئيس للبلاد بعد الاستقلال في عام 1961، لعب جوليوس نيريري دورًا كبيرًا في تعزيز الزراعة في تنزانيا، وذلك من خلال مجموعة من السياسات والمبادرات التي هدفت إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي وتحسين الإنتاج الزراعي. وجعل الزراعة ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. حيث كان له دور كبير في تعزيز الزراعة كعنصر أساسي في التنمية الوطنية.

اتبع جوليوس نيريري، رئيس تنزانيا، عدة سياسات لتعزيز الزراعة خلال فترة حكمه. أبرز هذه السياسات تشمل:

  1. سياسة الجماعة:

 

  • التحول إلى التعاونيات: أُطلقت في عام 1967، وهدفت إلى تنظيم السكان في قرى تعاونية للعمل الجماعي، حيث يتشارك الجميع في الزراعة والإنتاج.
  • تحسين الإنتاجية: كانت السياسة تهدف إلى تحسين الإنتاجية الزراعية من خلال التعاون المشترك واستخدام الموارد بشكل أكثر كفاءة.

 

  1. تأميم الأراضي:

الملكية الجماعية: تم تأميم الأراضي بحيث تكون مملوكة للدولة وتُدار بشكل جماعي من قبل القرويين، بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع الموارد بشكل أكثر إنصافًا.

 

 

 

 

العلاقة السياسية التي ترتبط بهذا اليوم

بدأ الاحتفال بيوم المزارعين لأول مرة في عام 1977؛ بهدف تعزيز سياسة الحكومة بشعار "السياسة هي الزراعة"، ومع مرور السنين تغيرت هذه السياسة إلى "السياسة الزراعية"، لأن الاحتفال أصبح سياسيًا، وتجارياً أكثر من أهدافه الأصلية، وأصبح الحدث حدثاً مهماً. فرصة لعرض التقنيات والتطورات الجديدة في الزراعة من خلال إظهار أفضل الإمكانات، منذ بداية المعرض الزراعي في أغسطس، مما يمنح المزارعين والمؤسسات وأصحاب المصلحة الزراعيين في جميع أنحاء البلاد الفرصة لعرض منتجاتهم ونجاحهم في الزراعة.

 

أثار سياسة الاستعمار على الزراعة في دولة تنزانيا

مما لا شك فيه، إن للاستعمار أثر بالغ في تخريب الدول ونهب خيراتها وثرواتها. وقد كان النظام الاستعماري في "تنجانيقا" ،المعروفة باسم تنزانيا حاليًا، خلال القرن العشرين ذو تأثير كبير في أنماط الإنتاج الزراعي. وهذا أدى إلى تغيرات جذرية في الممارسات الزراعية والاستخدام التقليدي للأراضي. ورُكز بشكل كبير على زراعة المحاصيل النقدية مثل: التبغ، السيزال، القهوة، القطن، الكاجو والشاي للتصدير تحت الحكم الاستعماري. الأمر الذي جعلها مصادر رئيسة للعملة الأجنبية مما أدى الى تهميش زراعة المحاصيل الغذائية للاستهلاك المحلي وتغيير أنماط الحياة الزراعية التقليدية.

بعد الاستقلال، استمرت التغييرات في القطاع الزراعي مع التزام الحكومة بتنفيذ سياسات اشتراكية وتخطيط مركزي، كما هو موضح في اعلان أروشا لعام 1967، وتضمنت هذه الفترة جهودًا نحو التأميم وتقسيم القرى، مع هدف توزيع المدخلات الزراعية بشكل أكبر فعالية، ولكن حالت التحديات اللوجستية والأقتصادية والسياسات المحلية إلى أزمات اقتصادية في الثمانينيات، مما استلزم اصلاحات والحصول على قروض من صندوق النقد الدولي. ويعكس هذا الإرث المعقد التأثير العميق للنظام الاستعماري والسياسات اللاحقة على الاقتصاد الزراعي في تنزانيا وسبل العيش الريفية. مما يستدعي جهودًا مستمرة لتحقيق تنمية زراعية مستدامة.

 

سياسة الاشتراكية وأيدولوجيتها في مجال الزراعة

ترتكز الأيدولوجية الاشتراكية على مبدأ اللا فردية، انما على النقيض ترتكز على الملكية الجماعية، ففي الاشتراكية الدولة تملك، والفرد لا يملك. حيث يتم مصادرة جميع موارد الدولة للدولة ويتم إعادة التوزيع على كل فئات أفراد المجتمع بحسب مساهمته في المجتمع ورأس المال الذي يملكه.

ومن هذا المنطلق أثرت الفلسفة الاشتراكية في نظم الحكم، فجعلت تلك النظم تارةً تأمم المشاريع، وتارةً تصادر الأراضي الزراعية وتُعيد توزيعها. كل هذا ساهم في إحداث تغيرات اجتماعية شديدة في أي مجتمع دخلت على الفلسفة الاشتراكية المادية.

وليس الأمر ببعيد عن الزراعة في الحقبة الأشتراكية، فكان للزعماء أصاحب التوجهات اليسارية أجندة تنفيذية متشابهة الى حدٍ كبير، فنجد نيريري قد اعتمد مشروع القرى الزراعية  التعاونية. ونجد في مصر جمال عبد الناصر وقد اعتمد قانون إعادة توزيع ملكية الأراضي بحيث يكون المتوسط حوالي 5 فدادين كل مزارع.

 

علاقة جمال عبد الناصر ونيريرى في مجال الزراعة وانجازاتهما

لقد كان للرئيس جمال عبد الناصر فضل في وحدة تنزانيا، حيث كانت عدد الدول المحررة قبل قيام ثورة ٢٣ يوليو ٤ دول فقط، وأصبحت ٣٠ دولة في عام١٩٦٣، وقد نجح جمال عبد الناصر في اثناء انعقاد القمة الإفريقية الثانية بالقاهرة في الحصول على قرار يضمن الاستقرار ويمنع حدوث صراع دموي بين دول القارة، وأرسل الخبراء في كافة الفروع للمساهمة في حل مشكلات القارة مع تقديم القروض والمعونات، فقد لقب الافريقيون جمال عبد الناصر أبو إفريقيا لأعماله المشرفة على صعيد القارة السمراء.

 

إنجازات عبد الناصر ونيريرى:

وشهدت مصر في عهد جمال عبد الناصر نهضة اقتصادية كبيرة حيث نفذت مشروعات قومية كبرى ساهمت في النهوض بالاقتصاد المصري، ولعل أهمها بناء السد العالي، مما ساعد في زيادة مساحة الرقعة الزراعية بنسبة ١٥% وأنقذ مصر من خطر الجفاف والفيضانات، وأصدر قانون الإصلاح الزراعي الذي ضمن لكل فلاح خمسة أفدنة لكل فلاح.

وأصدر نيريرى إعلان "أروشا"   ومن خلاله رُكز مجددًا على التنمية الزراعية من خلال تشكيل المزارع الجماعية رغم أن هذه الاصلاحات اعاقت الإنتاج الغذائي، وتركت المناطق تعتمد على المساعدات الغذائية، وتحولت تنزانيا عام ١٩٧٦ من أكبر مصدر للمنتجات الزراعية في افريقيا لأكبر مستورد للمنتجات الزراعية في افريقيا.

 

ومن بعض التحديات التي تواجه المزارع التنزاني:

يواجه المزارعون حول العالم تحديات كبرى و ليس في تنزانيا فقط وتنقسم هذه التحديات، فقد يكون سببها عامل بشري أو طبيعي مثل التغيرات المناخية كالجفاف والفيضانات التي تؤثر بشكل مباشر على الإنتاج الزراعي؛ لذلك تتجه الدول المتقدمة للاستخدام التكنولوجيا للتكيف مع هذه التغييرات، لكن الأمر ليس بالسهل، لأن استخدام التكنولوجيا والأدوات الحديثة في مجال الزراعة مكلف مما يشكل تحديًا أخر بالنسبة للدول النامية مثل دولة تنزانيا، حيث يعتمد المزارعين في تنزانيا علي الأساليب التقليدية، بالإضافة الي قلة الوعي الزراعي وعدم استخدامهم المبيدات المناسبة مما يتسبب في انتشار الآفات الزراعية، مما يحد من نسبة الإنتاج كما يواجه المزارعين في تنزانيا مشاكل كبرى أخرى مثل النزاعات علي الأراضي الزراعية بسبب نقص الوثائق التي تثبت ملكية الأراضي بالإضافة الي ضعف البنية التحتية في تنزانيا.

وفي ظل محاولات المزارعين في مواجهة هذه التحديات الصعبة قررت الحكومة التنزانية تخصيص يومً يُسمى يوم المزارعين للاحتفال بالمزارعين كمحاولة شكر و تقدير لهم. هذا اليوم يشكل أهمية كبرى لدى المزارعين في تنزانيا حيث يحظون فيه بالتقدير علي مجهوداتهم في ظل مواجهتهم للصعوبات؛ فيعزز يوم الزراعيين الوعي بأهمية القطاع الزراعي ويسلط الضوء علي التحديات التي يواجهونها، مما يحث الحكومة علي تقديم الدعم لهم، فلا يعد يوم المزارعين يوم احتفال فقط بل يتضمن فاعليات وبرامج تدريبية بهدف تحسين مهارات المزارعين و زيادة وعيهم لتحسين إنتاجهم الزراعي، كما يتيح للمزارعين في يوم الزراعيين التواصل مع الخبراء و المختصين وصناع القرار في مجال الزراعة ليعرض المزارعين مشاكلهم لهم بهدف إيجاد حلول لهذه المشكلات؛ كما يتيح أيضا التواصل مع المزارعين الأخرين مما يعزز التواصل بين المزارعين في تنزانيا ويساعد علي تبادل الخبرات والمعرفة.

 

دور التكنولوجيا في مواجهة تلك التحديات

تلعب الزراعة دورًا مهمًا في اقتصاد العديد من الدول الأفريقية، ولكن لأجل تقدم الدولة نحتاج إلى صنع التطورات، وتؤكد أجندة الاتحاد الأفريقي 2063 على ذلك، وعلى رأس التطورات تطبيقات التنمية الشاملة في الزراعة الأفريقية، ويقدم توجيهات لاستثمار ١٠ ٪ على الأقل من الميزانية في الزراعة وتنمية القرى الريفية، ولك لأجل تعزيز الإنتاج والحد من الفقر، ومع ذلك فهناك العديد من التحديات فالتقنيات الزراعية التي عفى عليها الزمن والبيئة غير المناسبة تعيق التنمية والتطور، وتشكل تغيرات المناخ تهديدًا بالنسبة للمحاصيل، بالإضافة إلى أن البنية التحتية المتدهورة تحول توافر الأسواق، ولذلك سنعرض بعض التقنيات الحديثة التي يمكنها إحداث ثورة في مجال الزراعة:

١. استخدام طائرات الدرون:

 يمكن استخدام طائرات الدرون أو الطائرات دون الطيار في مراقبة المحاصيل، ومكافحة الأمراض والحشرات، بالإضافة إلى إنه يمكن استخدامها في وضع الأسمدة بكفاءة ودقة عالية.

٢. أجهزة استشعار التربة والطقس:

 كانت دراسة حالة التربة ومستوى الهواء بداخلها حلمًا للعديد من المزارعين، ولكن الآن أصبح واقعًا من خلال أجهزة الاستشعار هذه التي تقدم معلومات قيمة حول التربة ورطوبتها ودرجة حموضتها وعناصرها الغذائية، فهذه الأجهزة تُمكن المزارع من اتخاذ قرارات حكيمة ودقيقة بخصوص أرضه، مما يزيد الإنتاج الزراعي.

 

في الختام من المهم للمزارعين أن يستغلوا هذا اليوم لكي يستفيدوا منه في مجال الزراعة، وبعض طرق الاستفادة من هذا اليوم هي:

ويستخدم المزارعون هذا اليوم، المعروف بيوم المزارعين، لعرض محاصيلهم وتبادل الأفكار مع بعضهم البعض فيما يتعلق بالمشكلات والتحديات التي يواجهونها ومحاولة إيجاد الحلول. و أيضًا محاولة العثور على أسواق تقدر منتجاتهم من خلال دفع أسعار مناسبة. بما في كذلك تقييم منتجات المزارعين وبالتالي تحديد ما إذا كانت المنتجات مناسبة لاحتياجات السوق والناس.

ويستفيد المزارعون من هذا اليوم من خلال التعرف على الأمراض التي تضر بالمحاصيل وتقلل إنتاجها، وإعطائهم الدواء المناسب، وكذلك إعطائهم بذور المحاصيل الجديدة، حتى يزداد تنوع المنتجات المختلفة في السوق. ليس هذا فحسب، بل إنه يمنح المزارعين أيضًا الفرصة للتعرف على احتياجات الأسواق الخارجية. وأخيرًا معرفة المزارعين بطرق الري الحديثة وتوسيع مساحات الأراضي الزراعية مما يفيد المزارعين بمنحهم حياة أفضل.

المصادر

https://eatv.tv/sw/news/current-affairs/ifahamuhistoria-yasiku-kuu-ya-nanenane

https://eatv.tv/sw/news/current-affairs/ifahamuhistoria-yasiku-kuu-ya-nanenane

https://www.britannica.com/place/Tanzania/History

https://go.shr.lc/3SYEIV1

https://nasseryouthmovement.net/sw/Africa-5156

https://www.thecitizen.co.tz/tanzania/news/business/two-significant-studies-point-the-way-forward-for-agriculture-in-tanzania-3660536

https://lstjournal.lst.ac.tz/index.php/files/article/view/ 

https://teknolojia.co.tz/kilimo-na-tech-teknolojia-mpya-zitakazo-kufanya-ufanye-kilimo-cha-chenye-tija-na-cha-kisasa-zaidi/

https://www.mwananchi.co.tz/mw/kombe-la-dunia-2018/nanenane-ni-ya-wakulima-siyo-serikali-2754460