التجربة الزامبية مع مؤسسات الاقتراض

التجربة الزامبية مع مؤسسات الاقتراض
بقلم/ كريبسو ديالو


وافق البنك الدولي على قرض بقيمة 270 مليون دولار لزامبيا....التجربة الزامبية مع مؤسسات الاقتراض (غربآ - شرقآ) كارثية لدرجة وصلت بها إلي اعلان الإفلاس والتخلف عن تسديد الديون ... المأساة بدأت منذ ان تأثرت زامبيا بعواقب خطط التعديلات الهيكلية التي تم تنفيذها من الثمانينيات إلى التسعينيات عندما شجع إجماع واشنطن التحرير الاقتصادي مما تسبب في التخفيض في الإنفاق العام وامتلاك نظام رعاية اجتماعية متهالك. وبعد عزل نظام كوندا (الحزب الواحد) في عام 1991، أصر إجماع واشنطن على أن فشل مسألة الإصلاح الهيكلي بسبب افتقار زامبيا الي الحكم الرشيد واللامركزية والتعددية الحزبية، وتماشيا مع توقعات إجماع واشنطن، انفتحت زامبيا اقتصاديا بشكل كامل على النظام النيوليبرالي العالمي، أصبحت البلاد تعتمد بشكل متزايد على القروض الدولية لكن العولمة، التي كان ينبغي أن تعمل على تنميتها، نقلتها إلى أسفل درجات العالم الثالث. أدت العلاقة الطفيلية بين القطاع الاستثماري والدولة إلى حالات هائلة من العجز المالي، مدفوعة بمعدلات مرتفعة من الفائدة على الاقتراض والإنفاق الزائد وقطاع الكهرباء المكلف وغير الفعال، فضلًا عن الفساد الذي تفشى في مشروعات الخدمات العامة وكذلك الاستثمارات الرأسمالية وجباية الضرائب غير المجدية. قد تضخمت ميزانيات العديد من مشروعات الأشغال العامة مما أتاح للمسؤولين جني الأرباح بطرق غير شرعية. وفي القطاع الزراعي قد تضمنت أجندة التكيف الهيكلي خصخصة وتحرير نظام البذور المحلية لصالح المعدلة وراثيا. مع بدأ التحرير وإلغاء الضوابط الخاصة علي الشركات متعددة الجنسيات والعمل بمبدأ دعه يعمل دعه يمر. في منتصف التسعينيات، تراجع الدعم المقدم لتعاونيات المزارعين، أدت أولوية الذرة كمحصول نقدي إلى انخفاض تنوع المحاصيل، بعد أن كان يتمتع السكان المحليين بمصادر غذائية متاحة ادي سيطرة الشركات متعددة الجنسيات على القطاع الزراعي إلى إضعاف الأمن "الصحى" الغذائي. لقد تحولت أنظمة البذور من كونها كانت تقودها تعاونيات أثناء فترة كاوندا (مما يمنح المزارعين مزيدًا من الوكالة والأسعار العادلة) إلى أن تكون بقيادة الشركات (التي تعطي الأولوية للأرباح). وأصبح معظم المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة غير قادرين على شراء البذور بسعر السوق العالمي المرتبط بالدولار الامريكي، وبالتالي لا يمكنهم زراعة أي غذاء. في ظل التغيرات المناخية القاسية تقع زامبييا اليوم في حالة نقص الغذاء. 40٪ من سكان زامبيا غير قادرين على تلبية الحد الأدنى من متطلبات السعرات الحرارية. القطاع الصحي مترهل بشكل كارثي، ترفض المستشفيات استقبال المرضى الفقراء، ولا تخدم سوى المرضى المذرين للربح. يضطر الأقارب إلى إحضار انابيب الأوكسجين الخاص بهم لأنه غير متوفر في المستشفيات،‭ ‬منظومة‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬تعرضت‭ ‬لضغوط‭ ‬هائلة‭ ‬بسبب‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا، ولزيادة‭ ‬تعقيد‭ ‬صورتها‭ ‬المالية،‭ ‬اقترضت‭ ‬زامبيا‭ ‬أموالاً‭ ‬لتغطية‭ ‬التكاليف‭ ‬الخاصة‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬لكنها‭ ‬استخدمت‭ ‬عندئذ‭ ‬قدراً‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الأموال‭ ‬لسداد‭ ‬ديون‭ ‬أخرى...باقي القطاعات أصابها أيضا الترهل والفساد استمرت أسعار المحروقات والمواد الغذائية في الارتفاع بسبب الإصلاحات الهيكلية وقد شجعت هذه السياسات الاقتراضَ غير المسؤول....تعتزم زامبيا المتخلفة عن سداد ديونها حاليا إصدار قانون جديد يستهدف وضع قيود صارمة على القروض الحكومية ويحسن مستوى الشفافية المالية يلزم الحكومة بالحصول على موافقة الأغلبية البرلمانية على خطة الاقتراض السنوي، التي يعدها مكتب الدين العام الجديد بهدف تجنب حدودث أزمات قروض في المستقبل.
تكافح زامبيا حاليا لإعادة هيكلة الدين العام الخارجي الذي زاد على 17 مليار دولار. ومازالت شفافية إدارة الدين العام في البلاد قضية حيوية....وتتوقع وزارة المالية الزامبية أن يكون عجز موازنة البلاد لعام 2023 أكبر مما كان مقدرا في وقت سابق بسبب ضغوط الإنفاق بالنصف الثاني من العام. ومن المنتظر أن يتسع العجز إلى 9.9% من الناتج المحلي الإجمالي....الوضع الكارثي يكمن في أن الدولة وقعت في "فخ الديون" والذي يدفع الثمن هم الفقراء ومحدودى الدخل.