اغلب المدافعين عن النيوليبرالية لا يرون ان كوكب الارض يرزخ كليا تحت منظومة واحدة, بل يجزؤون الصورة ويبدأون بالولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، كندا، ألمانيا واليابان باعتبارهما قمة إنجاز التطور الراسمالى أما عوالم الجنوب العالمى فهى منفصلة عنه... النيوليبرالية نهج له روافد اقتصادية واجتماعية وسياسية تفرض عنوة لتهيمن على كوكب الارض...من السذاجة والخداع ان تقدم منتج غربى مثل سيارة BMW أو الكترونيات
شركة apple وتقول هذا هو التفوق الرأسمالي وتتغاضي عن صنوف وحشية مراحل انتاج هذه السلع من سرقة للمواد الخام الطبيعية واستغلال العمالة الرخيصة إلى حد الموت فى القارة الأفريقية والجنوب العالمى.
منذ عدة أيام رفع 21 مواطنًا تنزانيًا دعوى قضائية ضد شركة التعدين الكندية العملاقة "باريك جولد" لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في منجم الدهب "نورث مارا" التابع للشركة في تنزانيا. المحامون هم أعضاء في المجتمع المحلى القروى في شمال تنزانيا ، شاهدين على عمليات القتل الوحشية وإطلاق النار والتعذيب لنقابيين أو عمال على يد شركات الأمن الخاصة المشاركة في حراسة المنجم الذى يمثلهم فى اللجنة الدفاع شركتا المحاماة Camp Fiorante Matthews Mogerman LLP و Waddell Phillips. وتشمل القضية المرفوعة أمام محكمة العدل العليا في أونتاريو ، دعاوى تتعلق بخمس وفيات وخمس حوادث تعذيب وخمسة إصابات أخرى نتيجة إطلاق النار....منذ سنوات يشتهر منجم نورث مارا بالعنف ضد السكان المحليين فى شمال تنزانيا الذين عاشوا وزرعوا وعملوا بسلام فى أراضيهم قبل مجيء الشركة الكندية ... قُتل 100 شخصًا على الأقل وجُرح 500 ، من قبل الشرطة المسؤولة عن أمن المناجم. وقعت معظم هذه الانتهاكات بعد أن استحوذت الشركة على المنجم في عام 2006.
تشهد العديد من الدول الأفريقية اليوم تزايد النضال العمالى أو النقابى فى محاربة هيمنة الشركات متعددة الجنسيات الغربية على الموارد الطبيعية واستغلال العمالة....فى جنوب أفريقيا توقف الاندماج بين شركة “هارمونى” لتعدين الذهب وشركة “أنجلوجولد أشانتى” بعد ضغط نقابى من إضرابات واعتصامات بسبب اللوائح المتعصفة ضد العمال. فى السنغال، السمة الرئيسية للنضال العمالى والنقابى ضد الشركات الفرنسية التى تحتكر جميع خدمات البنية التحتية من ميناء داكار (Bolloré) إلى الطرق السريعة (Eiffage)، ومن نظام القطار (SNCF وRATP وAlstom) إلى التنقيب عن النفط (Total). فى جمهورية الكونغو الديمقراطية توقفت محاولات شركة “فريبورت” لبيع حصتها من منجم النحاس والكوبالت بعد مقتل 10 عمال. وفى بوركينا فاسو طردت شركة تريفالي الكندية للتعدين بعد موت 9 عمال فى منجم للزنك فى أبريل 2022. فى زامبيا، هددت شركة “جلينكور” السويسرية لتداول السلع بتسريح 5000 عامل بعد أضرابات عمالية عارمة.
هذه الانتهاكات تاكد كذب ادعاء النظرية التي تستخدم بشكل شائع في الخطاب الأكاديمي المتمثل في "لعنة الموارد" وهي أن الموارد الطبيعية فى القارة الأفريقية نقمة اقتصادية وبشرية. هذه النظرية تتجاهل عن عمد الآثار الضارة لأساليب دعم الدول الرأسمالية الكبرى الاقتصادات فى القارة الأفريقية والجنوب العالمى التي تعتمد بشكل كبيرًا على عملية استخراج الموارد الطبيعية من الأرض للبيع في السوق العالمية، وهو نموذج اقتصادي يشجع على رعاية الأجانب والسلوكيات الريعية التي تؤدي بطبيعة الحال إلى الفساد المستشرى....النضال ضد صفقات التعدين واستخراج الموارد الطبيعية أمر حتمى وضرورى. وهذا النموذج لا يستنزف الموارد فحسب، بل إنه يحول دون قدرة إفريقيا على الإنتاج والتطوير، ويجعلها تنزف على حساب شعوبها المحليين الذين يعانون بالفعل من الفقر المدقع وديمومة الاستغلال.