نحتفل بهذا اليوم الخالد فى التاريخ؛ فجر التحرر العربى

نحتفل بهذا اليوم الخالد فى التاريخ؛ فجر التحرر العربى

أيها المواطنون:

فى هذه الأيام الخالدة فى تاريخ العرب نحمد الله من كل قلوبنا لأن عهد السيطرة الأجنبية قد انتهى إلى غير رجعة؛ عهد الاستعمار وعهد التحكم وعهد الدخلاء قد انتهى بفضل تصميم الشعب العربى فى الجمهورية العربية المتحدة.

النهارده ونحن نحتفل بقيام الجمهورية العربية المتحدة، كل واحد فينا يشعر ان هذه الجمهورية الجديدة قامت تمثل إرادتنا؛ إرادة كل فرد فيكم سواء فى الشمال فى سوريا أو الجنوب فى مصر، مش إرادة المستعمر، ولا إرادة الغاصب، ولا إرادة الدخيل، ولا إرادة اللى عايزين يحطونا ضمن مناطق النفوذ.. إرادة الشعب العربى الحقيقى. النهارده - يا إخوانى - يحق لكل واحد فينا ولكل واحد فى دنيا العرب وفى أمة العرب أن يشعر بالعزة الحقيقية؛ علشان قبل كده فى سنة ١٧ قسموا العالم العربى.. قسموه بالقلم الرصاص على الخرايط إلى دول ودويلات علشان تكون ضمن مناطق النفوذ، فرضوا علينا الأوضاع واتفقوا مع اليهود فى سنة ١٧ علشان يدوهم فلسطين، النهارده احنا اللى بنقرر، مافيش حد أجنبى بيقرر.. مافيش حد دخيل بيقرر.

النهارده يا إخوانى.. النهارده يا إخوانى.. مشيئتنا احنا بس - احنا الشعب العربى - هى اللى لها السيادة، هى اللى لها القوة، هى اللى بتقرر، هى اللى قررت قيام الجمهورية العربية المتحدة.

النهارده - يا إخوانى - واحنا بنحتفل بهذا اليوم الخالد فى التاريخ؛ فجر التحرر العربى، فجر التخلص من السيطرة الأجنبية، واحنا بنحتفل بهذا اليوم ننظر إلى الماضى وإلى المحاولات الأجنبية للسيطرة علينا، وإلى الكلام اللى كانوا بيقولوه: إن فيه فراغ عايزين يملوه فى هذه المنطقة، وإن هذه المنطقة لازم تدخل ضمن مناطق النفوذ.

النهارده واحنا بنحتفل كل واحد فينا بيشعر فى قرارة نفسه ان إرادته انتصرت، إن عقيدته انتصرت، ان أهدافه انتصرت، ان القومية العربية اللى كانت حلم عند كل واحد فينا، القومية العربية اللى كنا بننادى بها فى الخطب، القومية العربية اللى كانوا بيقولوا فيها الأشعار سنين طويلة.. عشرات السنين، النهارده واحنا بنحتفل نشعر ان هذه القومية العربية بدأت تتحقق وبدأت تكون مادية. النهارده واحنا بننظر لمولد الجمهورية العربية المتحدة اللى انبثقت عن إرادتكم وانبثقت عن ضميركم، نشعر ان دى البداية.

هذه - أيها الإخوة - هى بداية التحرر وبداية التخلص من السيطرة الأجنبية والتخلص من الاستعمار، هذه هى نهاية الضعف وبداية القوة، هذه هى نهاية التخاذل ونهاية العملاء اللى بيشتغلوا مع الأجانب علشان يبيعوا بلادهم، وبداية حكم الأحرار؛ حكم الشعب.. الشعب الوطنى.. الشعب الحقيقى.

النهارده - يا إخوانى - وأنا باتكلم هذا الكلام باتكلم على الأمة العربية كأمة عربية قائمة بذاتها؛ كل واحد فيها بيشعر بالآخر، كل واحد فيها بيسند الآخر، كل واحد فيها بيتضامن مع الآخر، كل واحد فيها - فى أى وطن وفى أى بلد من البلاد العربية اللى اصطنعوها بعد الحرب العالمية الأولى - بيشعر ان بلده تشمل البلاد العربية كلها.

النهارده - يا إخوانى - ونحن نحتفل بمولد هذه الجمهورية نرجو من الله أن يوفقنا، ونرجو من الله أن يسندنا بقوته، ونرجو من الله أن نتجه بعزيمة وإيمان، ونرجو من الله أن يقوينا حتى نستطيع أن نحقق الأحلام التى كنا ننادى بها، وحتى نستطيع أن نقيم فى هذه المنطقة من العالم الحرية الحقيقية، وأن لا يكون هناك مكان لمناطق النفوذ، وأن نملأ الفراغ الذى يتكلمون عنه بأنفسنا، وأن نستطيع أن نكون سند للعرب جميعاً فى كل بلد من بلادهم، وفى كل وطن من أوطانهم.

النهارده - يا إخوانى - ونحن نحتفل بمولد الجمهورية العربية المتحدة اللى انبثقت عن إرادتنا، وانبثقت عن ضميرنا، وكانت نتيجة تصميمنا، نتجه إلى المستقبل ونحن نعتقد أننا فى أول الطريق؛ طريق الحرية، وطريق العمل، وطريق الوحدة، وطريق التضامن. والله يوفقكم.

والسلام عليكم ورحمة الله.

-------------------

كلمة الرئيس جمال عبد الناصر من دار الرياسة فى الجماهير والهيئات المصرية والسورية لتهنئته بالرئاسة

بتاريخ الثالث والعشرين من فبراير العام ١٩٥٨م.