طه حسين .. عميد الأدب العربي

طه حسين .. عميد الأدب العربي
مسيرة تحدَّت العتمة وحلقّت بأحلامه بعيداً، فقد كان أقصي أماني الأسرة أن يحفظ طفلها الكفيف القرآن الكريم، كي يستطيع الإلتحاق بالأزهر الشريف، وإن وقف حظه علي الحفظ وقراءة القرآن علي المقابر وفي المآتم فلا ضيّر، غير أن ذلك الفتي تحدي عتمته ليصير فيما بعد عميد الأدب العربي، وتخلّد ذكراه، فلايزال حياً بيّننا، تضُج المجالس الثقافية بذكره.
لقد صار تراث «العميد» جزءاً أصيلاً من ثقافتنا العربية وضميرها، وستظل أعماله الخصبة بيننا نتدارسها، نقرأها ونفسرها، نتوافق معها أو نختلف، ونستكشف ذلك العالم السحري الثري والنفيث، الذي يعّجُ بالأفكار والرؤي ودروس الأدب وفنونه، ونتذوق من خلاله مفاتن اللغة وحلاوتها.
يُعدّ طه حسين علي سلامة الملقّب بـِ عميد الأدب العربي أديباً وناقداً مصرياً، وأحد أهم أعلام الحركة الأدبية العربية في العصر الحديث، كان له الفضل فيه تطوير الرواية العربية، أمّا عن أشهر مؤلفاته فهو كتاب الأيام الذي نشره في عام ١٩٢٩ وتناول فيه سيرته الذاتية بأسلوبه البديع،، فضلاً عن مؤلفاته الأخري التي تناول من خلالها العديد من القضايا الشائكة في الأدب والتراث والفكر، ككتاب «في الشعر الجاهلي»، و« مع أبي علاء المعري في سجنه»، بالاضافة إلي «حديث المساء»، و«مستقبل الثقافة في مصر» وكتبه الإثرائية ك «نقد وإصلاح» «المعذبون في الأرض» وغيرها.
ولد بمحافظة المنيا عام ١٨٨٩، وفقد بصره وهو الرابعة من عمره، تعلم اللغة العربية وحفظ القرآن الكريم، ثم درس في مدارس الأزهر ومنها إلي جامعة الأزهر الشريف، وحصل علي الدكتوراه في الفلسفة عام ١٩١٤، ثم سافر إلي فرنسا لاستكمال دراسته، والاستزادة من فروع العلم والمعرفة الحديثة، وعاد منها ليشغل العديد من المناصب، من بينها رئيس تحرير جريدة الجمهورية، وأستاذ لتاريخ الأدب العربي بكلية الآداب وتدرّرج فيه مناصبه حتي شغل منصب عميد الكلية،، كما شغل منصب وزير المعارف عام ١٩٥٠، وتوفي في ٢٨ أكتوبر ١٩٧٣م، عن عمر يناهز ثلاثة وثمانين عاماً.
وحرّيُ بنا في مشروع بذور أن نشير إلي أننا نتخذ من «العميد» أسوة في عملنا كلما وققنا علي اعتاب عملِ جديد، فقد كان أول من دعي إلي مجانية التعليم وإصلاحه ليواكب متطلبات العصر الحديث،، كما نستقي من كتاباته ونسترشد بها، لنعلم كيف نطوّر برامج التعليم والتدريب التي نقدمها وكيف نتناول موضوعات الدين والعلم والهوية، فكتاباته تذخر دائماً بالحلول والأفكار وتغوص في العديد من القضايا الفكرية والأدبية والثقافية موضع إهتمامنا،، وتطوف بوعي وأرجل راسخة ثابتة في آفاق النهضة والإستنارة، وبذلك يكون لها دور محوري في بناء شخصية الفرد وثراء حصيلته اللغوية، ويزوده بقدرة تعبيرية وبلاغية، الأمر شديد الأرتباط بمدرسة بذور التي تقع أهم أهدافها هي تحفيز المهارات والقدرات الشخصية للافراد وتنميتهم فكرياً وثقافياً ممما يمكّنهم من بناء الهويات الشخصية والجماعية، من خلال الفنون ولا سيما فنون الأدب.