راوية عطية "أم الشهداء"

راوية عطية "أم الشهداء"


ولدت راوية شمس الدين عطية في التاسع عشر من أبريل العام ١٩٢٦م، بمحافظة الجيزة، ونشأت في عائلة لها نشاط سياسي، فوالدها الأمين العام لحزب الوفد بمحافظة الغربية.

التحقت راوية بمدرسة الأميرة فوزية الثانوية في سن العاشرة، سُجن والدها بسبب نشاطه السياسي المكثف وهي في سن الرابعة عشر من عمرها، لكنه كان يترك وراءه فتاة ثائرة، تشارك في مظاهرات التنديد بالاحتلال البريطاني وفى إحدى المرات أصيبت برصاصة وحملتها هدى شعراوي على ذراعها لتداوي جراحها وكان ذلك العام ١٩٣٦م، بعد توقيع معاهدة ١٩٣٦ مباشرة.

 لعبت راوية دورًا قياديًا بين زميلاتها في مدرسة الأميرة فوزية الثانوية، ومن هنا بدأت تتشكل شخصية «راوية» السياسية، والرافضة للظلم والمطالبة بحقوق المرأة. وحصلت على الثانوية العامة ثم التحقت بكلية التربية جامعة القاهرة قسم تاريخ، عملت بعد تخرجها بالصحافة لمدة ست سنوات، وتدربت على يد الكاتبين الكبيرين الراحلين مصطفى وعلي أمين، وبعد عملها بالصحافة حصلت على دبلوم كلية التربية عام ١٩٤٧م، ودبلوم علم النفس عام ١٩٤٩م، ثم دبلوم صحافة عام ١٩٥١م، ودبلوم في الدراسات الإسلامية.

وفي أثناء هذه الفترة (فترة الأربعينات) قامت جمعية الاتحاد النسائي المصري برئاسة هدى شعراوي بوضع كتيب تضمن بعض مطالب المرأة، ومن أهمها ضرورة تعديل قانون الانتخاب بإشراك النساء مع الرجال في حق الانتخاب، وكذلك أن تمنح المرأة جميع الحقوق السياسية وعضوية المجالس المحلية والنيابية أسوة بالرجل، وقد وجه هذا الكتيب إلى كل من رئيسي مجلسي الشيوخ والنواب والرأي العام المصري.

 

وعندما قامت ثورة ٢٣يوليو العام ١٩٥٢م، تحرر الشعب من الظلم والاحتلال، ومنحت المرأة حقوقها الاجتماعية والسياسية كاملة، وصدر أول دستور في مصر في يناير العام ١٩٥٦م، وتضمن مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق السياسية، وأصبح للمرأة حق الترشيح والانتخاب حيث أجريت أول انتخابات برلمانية للمرأة العام ١٩٥٧م، وقد دخلت الانتخابات بنصف مليون صوت نسائي للمرة الأولى.

وكانت أمام المرأة في هذه الانتخابات بعض المواجهات الصعبة التي لابد من اجتيازها، ومنها التقاليد الشرقية في المجتمع المصري التي لاتزال تقيد حركة المرأة إلى حد كبير على المستوى العام، وخاصة في المحيط السياسي، ومع هذا صدر في مصر أخيراً قرار بإضافة «كوتة برلمانية» للمرأة في البرلمان المصري. وبقرار من الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، بموجب دستور ١٩٥٦، فتح باب الترشيح وتقدمت ٨ سيدات للترشيح، وكان لابد من موافقة هيئة التحرير التنظيم السياسي للثورة على هذا الترشيح، ووافق على ترشيح راوية عطية، لتصبح أول امرأة تدخل البرلمان المصري.

وفي العام ١٩٥٦م، تقلدت راوية رتبه نقيب في وحدة كوماندوز نسائية في الجيش لتصبح أول امرأة تتقلد لرتبة عسكرية في الجيش، حيث لعبت دورًا حيويًا في حرب السويس(العدوان الثلاثي) عندما دربت ٤٠٠٠ امرأة على الإسعافات الأولية والتمريض، واستقبلت الجرحى من الجنود والضباط لتضميد جراحهم في نكسة ١٩٦٧م، وقال الرئيس جمال عبد الناصر عنها في جمع من رجال الإعلام ، لقد آمنت بكفاح المرأة المصرية من كفاح السيدة راوية عطية.

وسجل التاريخ الرابع عشر من يوليو العام ١٩٥٧م، على أنه تاريخ دخول أول امرأة مصرية إلى البرلمان بعد معركة شرسة، وبدأت راوية مشوار العمل السياسي، مطالبة بحق المرأة السياسي في الانتخابات.

 ترأست راوية عطية جمعية أسر الشهداء والمحاربين أثناء حرب السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣م ولهذا أطلق عليها اسم "أم الشهداء المقاتلين"، وكانت تقوم يوميًا بزيارة الجنود على الجبهة، وحصلت على نوط الجيش الثالث لحرب أكتوبر، ودرع القوات المسلحة ودرع الجيش الثالث، واختيرت الأم المثالية لعام١٩٦٧م، كما حصلت على نوط الواجب من الطبقة الأولى من الرئيس أنور السادات.

ترشحت راوية لعضوية مجلس الشعب في انتخابات ١٩٨٤م، ونجحت في استعادة مقعدها تحت القبة، ليبدأ دورها النيابي البارز، والذى بدأ يتسع بمناقشتها خلال الجلسات؛ حيث شاركت في مناقشة بيان وزير الشئون الاجتماعية حول مشاكل الأسرة، وطالبت الوزير بتنفيذ المشروع الخاص بإنشاء مكاتب للتوجيه الأسرى والاستشارات الزوجية في أنحاء الجمهورية، كما طالبت بتعاون لجنة العادات والتقاليد بالوزارة مع وزارة الإرشاد القومي، للقضاء على العادات والتقاليد التي تسئ إلى سمعة مصر في الخارج، وتقدمت أيضًا باقتراح مشروع قانون بتنظيم الأسرة.

ولم تنس «راوية» دورها الإنساني الذي توازى دائمًا مع دورها النيابي، فقامت بدور كبير في حرب العراق والكويت، وأشرفت على تقديم دورات إسعاف وتمريض ودورات دفاع مدنى للسيدات الكويتيات اللاتي حضرن من الكويت.

وبعد مسيرتها الكبيرة في العطاء، ورفع اسم المرأة المصرية، لم يكن غريبًا أن يقع الاختيار عليها لتصبح رئيس المجلس القومي للأسرة والسكان في عام ١٩٩٣م، وشغلت المنصب حتى وفاتها في التاسع من مايو العام ١٩٩٧م.

المصادر

موقع محافظة الجيزة.

موقع جريدة دار الهلال.