رجال حول الرئيس عبد الناصر (٤).. السفير محمود رياض مستشار الرئيس للشؤون السياسية

رجال حول الرئيس عبد الناصر (٤).. السفير محمود رياض مستشار الرئيس للشؤون السياسية
رجال حول الرئيس عبد الناصر (٤).. السفير محمود رياض مستشار الرئيس للشؤون السياسية
رجال حول الرئيس عبد الناصر (٤).. السفير محمود رياض مستشار الرئيس للشؤون السياسية
رجال حول الرئيس عبد الناصر (٤).. السفير محمود رياض مستشار الرئيس للشؤون السياسية

ولد محمود رياض في الثامن من يناير العام ١٩١٧م، بمحافظة الدقهلية، وكان والده مهندسا. التحق بالكلية الحربية في مصر عام ١٩٣٤م، وتخرج فيها بعد عامين، ودرس بها ثم التحق بكلية أركان حرب وحصل على شهادتها عام ١٩٤٣م، وعاد للتدريس بالكلية الحربية.

 

ترك رياض التدريس ثم عين مديرا للمخابرات الحربية في غزة أغسطس ١٩٤٨م. ورغم تخرجه من الكلية الحربية إلا أنه التحم مع السياسة مبكرا، حيث شارك كعضو في الوفد المصري بمفاوضات رودس في فبراير عام ١٩٤٩م، وترأس الوفد المصري في لجنة الهدنة المشتركة بين مصر وإسرائيل فيما بين (١٩٤٩-١٩٥٢م)، وبعد ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢م، أصبح مديرا لإدارة فلسطين ومسؤولا عن جميع جوانب القضية في القيادة العامة للقوات المسلحة.

اختير مديرا للإدارة العربية في وزارة الخارجية عام ١٩٥٤م، وفي العام التالي عين سفيرا لمصر في دمشق، واشترك مع الوفد المصري في توقيع الوحدة مع سوريا تحت مسمى "الجمهورية العربية المتحدة" عام ١٩٥٨م.

وقع اختيار عبد الناصر على "رياض"، ليكون مستشارا للشؤون السياسية في الفترة ما بين (١٩٥٨ـ١٩٦٢م)، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة مندوبا دائما لمصر في الأمم المتحدة.

عاد إلى مصر ليتولى حقيبة الخارجية خلال الفترة (١٩٦٤-١٩٧٢م)، قبل أن يعين مجددا مستشارا للشؤون السياسية لكن هذه المرة مع الرئيس أنور السادات عام ١٩٧٢م. ‏كان محمود رياض يمثل مرحلة مهمة في تاريخ مصر، فكان من أكثر السياسيين فهماً للصراع العربي الإسرائيلي، كان كالصخرة الثابتة وظل متمسكا بالفهم الصحيح للقرار ٢٤٢ ‏الذي يدعو لانسحاب إسرائيل من كافة الأراضي التي احتلتها في عدوان ١٩٦٧م، فكان صاحب مدرسة دبلوماسية وفكر ودراسة عميقة.

و ‏في يونيو من العام ١٩٧٢م، انتخب السفير محمود رياض أمينا عاما للجامعة العربية خلفا لعبد الخالق حسونة فكان له هذا القسم (أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصا لجامعة الدول العربية وأن أؤدي وظيفتي بالأمانة والشرف).

عقدت أثناء فترة توليه مؤتمرات القمة العادية السادس والسابع والثامن والتاسع، كما عقد أثناء فترته مؤتمر القمة السداسي غير العادي في الرياض في خلال الفترة من ١٦إلي ١٨ أكتوبر١٩٧٦م، واستقال قبل انعقاد المؤتمر العاشر وتحديدا في الثاني والعشرين من مارس ١٩٧٩م‏، وتضمنت مذكرة استقالته أنه أصبح غير قادر على تحمل مسئولياته بعد أن وصلت الأوضاع العربية إلى المدى الذي لا يتفق مع أهدافه في تحقيق وحدة العمل العربي، ودعا ذلك إلى اعتزاله العمل السياسي. ‏

وله عدة مؤلفات أشهرها كتابه "مذكرات محمود رياض" المطبوع في جزأين، و"البحث عن السلام والصراع في الشرق الأوسط"، فضلا عن الكثير من المقالات والأبحاث السياسية المنشورة في العديد من الصحف والمجلات.

مكّنته تلك المسيرة المهنية الطويلة، من أن يكون قريبا وشاهدا على أحداث ولحظات فارقة، أورد بعضها في مذكراته، التي كانت بعنوان "البحث عن السلام والصراع في الشرق الأوسط"، ومن بين الأحداث التي ذكرها، كانت التوترات المستمرة في العلاقة بين عبد الناصر والولايات المتحدة، وخاصة في إدارة الرئيس الأمريكي ليدن جونسون، الذي اتخذ قرارا بقطع المعونة الاقتصادية عن مصر، ما اعتبره رياض "خطوة أمريكية مهدت إلى حرب يونيو".

 

يروي رياض شهادته، قائلا: "في الليلة التي علم فيها جمال عبدالناصر بهذا القطع، كنت معه في منزله عندما قال معلقا: (من يفهم جونسون، متاعب أمريكا في هذه المنطقة ليست بسبب شخص جمال عبدالناصر أو بلد اسمه مصر، لكن متاعب أمريكا هي بسبب سياسة أمريكا نفسها، إنهم لا يجيدون التعامل إلا مع عملاء مثل كميل شمعون الذي أزالوا قواتهم بسببه في لبنان ١٩٥٨م، وشاه إيران الذي جعلوه يتحالف مع إسرائيل ضدنا. إن المجتمع الأمريكي قوي وعظيم، لكنهم جاؤوا لنا برئيس يتعامل بمنطق قُطّاع الطرق مع شعوب تعيش في القرن الـعشرين)".

 

ويعتبر "رياض" أن الحديث الشخصي الذي جمعه بعبد الناصر، كان ممهدا لأحد أقوى خطاباته، الذي ألقاه في بورسعيد يوم الثالث عشر من ديسمبر ١٩٥٦م، وقال فيه عباراته الشهيرة "فيشرب الأمريكان من البحر، وإذا لم يكفهم البحر الأبيض فلديهم البحر الأحمر".

 

وعن موقف رياض من ذلك الخطاب وتقييمه للهجة عبد الناصر، قال: "مثل هذا التعبير كان قاسيا بالطبع في التعامل مع قوة عظمى كالولايات المتحدة، لكن عبد الناصر رجل ثورة، وكان يرى أن قوته الأساسية لا تكمن في مركزه الرسمي كرئيس الجمهورية، لكن في إيمان رجل الشارع بالوطن العربي به، وفي قدرته على استثارته وتعبئته على مستوى شعبي؛ ما كان يفرض عليه مصارحته بحقائق الموقف دون اللجوء للدبلوماسية الهادئة داخل المكاتب المغلقة.

وخلال مشواره حصل السفير محمود رياض على العديد من الأوسمة، توفي في الرابع والعشرين من يناير العام ١٩٩٢م.

 

المصادر

مذكرات محمود رياض

موقع جامعة الدول العربية