الاستعمار الغربي للقارة الإفريقية

الاستعمار الغربي للقارة الإفريقية

كتبت/ بلقيس الحيدري
باحثة ماجيستير كلية الدراسات الافريقية - جامعة القاهرة

سجل لنا التاريخ مساعي القوي الاستعمارية الأوروبية في التنافس الاستعماري على العالم من بينهم القارة الأوروبية بالأخص جنوب أفريقيا هي المرصد لمسعاها بسبب مميزاتها. ففي القرن التاسع عش الميلادي ١٩م عانت القارة الافريقية أشد المعاناة لما تعرضت له من دخول الأوروبيين ووفودهم إليها بالأخص الفرنسيون فقد آتوا إلى الجنوب الأفريقي مستكشفين حول مما سمعوه حول جمال القارة من المستكشفين بالأخص حول الجانب الساحلي للقارة؛ فتار أتى الفرنسيون مستكشفون وتارة لعمل الشراكات الاقتصادية وتارة مبشرون بالديانة المسيحية زاحفين في القارة ببناء مستعمراتهم في نهاية المطاف. 

ونلقي الضوء ساحل العاج كمنطقة ساحلية سرعان ما تحول نظر الفرنسيون إليها عند دخولهم المنطقة بأواخر القرن التاسع عشر. ١٩م أصبحت ساحل العاج مستعمرة فرنسية من خلال معاهدات مع والبعثات العسكرية. بدأ الزحف الأوروبي على قارة إفريقيا على مدار عدة قرون، حيث جاء الاستعمار الفرنسي في طوره الأول كمرحله استكشافية للقارة الأفريقية، ومن ثم بدأت تتوافد فرنسا على القارة بمزاعم تبشيرية تارة استعمارية تارة أخرى. ونظراً لما لها كمنطقة غنية بالثروات الطبيعية كالمعادن وغيرها دخل الاستعمار بهجمة شرسة على المناطق الغنية بالثروات التي يمكن استغلالها، ومن نصيب تلك الدول التي ضمها الاستعمار الفرنسي منطقة ساحل العاج، والتي سُميت لاحقاً بالكوت ديفوار وهي محور الدراسة البحثية.

فالفيلسوف الانجليزي ديفيدهيوم يقول ) ويقول فالفيلسوف الألماني هيجل(أن إفريقيا ليست جزءا من العالم الحضاري وهناك من ربط تاريخ القارة بمجيء الاوروبيين إليها في القرن الخامس عشر ميلادي لكن هؤلاء المفكرين والمؤرخين الأوروبيين أخطأوا في التقليل من شأن التاريخ و الحضارة الافريقية مستغلين في ذلك نقص المصادر التي غطت كل الفترات التاريخية والحضارية للمنطقة وكذلك نقص الأبحاث العلمية والأثرية وتأخر الاهتمام بالتاريخ الافريقي، ومما يثبت خطأ هذه الافتراضات  الاوروبية هو أن الابحاث الأثرية أظهرت بأن القارة الأفريقية هي أول فترة عرفت تواجد للإنسان حيث أكتشف بقايا إنسانية يرجع تاريخها إلى أربعة عشر ميلادي.


أولًا: تاريخ جنوب إفريقيا

خلال الحروب النابليونية، كانت مستعمرة كيب تحت سيطرة البريطانيين وأصبحت مستعمرة تابعة لهم رسميًا في عام ١٨١٥. شجعت بريطانيا انتقال المستوطنين إلى كيب، وقدمت الرعاية على وجه الخصوص لجماعات مستوطني ١٨٢٠ كي يقيموا الأعمال الزراعية في المساحة المتنازع عليها بين المستعمرة والكوسيين في المنطقة التي باتت تُعرف اليوم باسم كيب الشرقية. تسبب انتقال السيادة في كيب من الهولنديين إلى البريطانيين باستبعاد المزارعين الهولنديين في المنطقة، البوير الذين بدئوا في عشرينيات القرن التاسع عشر هجرتهم الجماعية الكبرى نحو المناطق الشمالية مما نسميه اليوم دولة جنوب أفريقيا. شهدت هذه الفترة أيضًا تصاعد نفوذ قبائل الزولو تحت إمرة ملكهم شاكا زولو، ما نتج عنه عدة نزاعات بين البريطانيين والبوير والزولو، أدت إلى هزيمة الزولو والهزيمة النهائية للبوير في حرب البوير الثانية. غير أن معاهدة فيرينيغينغ تكفلت بترسيخ الإطار لاستقلال الجنوب الأفريقي المحدود تحت اسم اتحاد جنوب أفريقيا.


على طرف القارة، عثر البريطانيون على مستعمرة قائمة بـ٢٥٠٠٠ عبد و٢٠٠٠٠ مستعمر أبيض و ١٥٠٠٠ من الخويسان وألف عبد أسود محرر. كانت السلطة حصرية في يد نخبة من بيض البشرة في كيب تاون، والتمييز القائم على أساس عرقي راسخ الجذور. خارج كيب تاون والأراضي التي تليها مباشرة، كان المزارعون الرعويون المنعزلون من سود البشرة وبيضها يقطنون البلاد. كحال الهولنديين من قبلهم، لم تُثر مستعمرة كيب أول الأمر اهتمام البريطانيين بمقدار كبير، عدا عن صفتها مرفأً ذا موقع استراتيجي. حاولوا في واحدة من أولى مهامهم أن يحلوا نزاعًا حدوديًا إشكاليًا بين البوير والكوسيين على الحدود الشرقية للمستعمرة. في عام ١٨٢٠، أقنعت السلطات البريطانية نحو ٥٠٠٠ مهاجر بريطاني من الطبقة المتوسطة (معظمهم في مجال التجارة) بترك إنجلترا واستيطان أراضٍ بين الجماعات المتعادية انطلاقًا من فكرة تأمين منطقة عازلة. وكانت الفكرة غير ناجحة على نحو استثنائي، ففي غضون ثلاث سنوات، كان نصف مستوطني عام ١٨٢٠ تقريبًا قد انسحبوا إلى البلدات، وعلى وجه التحديد غراهامستاون وبورت إليزابيث، لمتابعة مهنهم التي كانوا يزاولونها في بريطانيا.

ورغم أنه لم يقدم شيئًا في سبيل حل النزاع الحدودي، فقد عزز تدفق المستوطنين هذا الوجودَ البريطاني في المنطقة، ممزقًا الوحدة النسبية للبيض في جنوب أفريقيا. وفي الأماكن التي سبق أن ساد فيها البوير وأفكارهم على نطاق واسع دون منافسة، بات للجنوب أفريقيين الأوروبيين مجموعتان لغويتان وثقافتان. ثم سرعان ما انبثق نموذج أصبح المتحدثون بالإنجليزية وفقًا له متمدنين إلى درجة كبيرة، فسيطروا على السياسة والتجارة والمال وأعمال المناجم والتصنيع، بينما أُبعد البوير الذين تلقوا تعليمًا كبيرًا إلى مزارعهم. وازداد تعمق الهوة بين المستوطنين البريطانيين والبوير مع إلغاء العبودية في عام ١٨٣٣، لا بسبب تحرير العبيد، بل بسبب الطريقة التي حُرروا بها (على سبيل المثال، كان يجب استلام التعويض عن العبيد المحررين في لندن بشكل شخصي). غير أن النهج المحافظ للمستوطنين البريطانيين وحسهم بالتفوق العرقي حال دون أي عملية إعادة تشكيل راديكالية للمجتمع، وفي عام ١٨٤١، أصدرت السلطات قرار السادة والخدم» الذي رسّخ سيطرة البيض. وفي الوقت نفسه، تزايدت أعداد البريطانيين بسرعة في كيب تاون، وفي المنطقة الواقعة إلى الشرق من مستعمرة كيب (وهي محافظة كيب الشرقية في وقتنا الحالي)، وفي ناتال، وبعد اكتشاف الذهب والألماس في أجزاء من ترانسفال، لا سيما حول خاوتينغ الحالية.

ثانيًا تاريخ الاستعمار الفرنسي لجنوب القارة الإفريقية
الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية بالفرنسية هي مجموعة من المناطق التي خضعت للحكم الفرنسي خارج أوروبا منذ مطلع القرن السابع عشر (١٦٠٠) حتى أواخر العقد الثامن من القرن العشرين (١٩٨٠). وكانت إمبراطورية مسيطرة في العالم، وكانت تمتلك عدة مستعمرات في مواقع مختلفة حول العالم. كانت فرنسا، في القرنين التاسع عشر والعشرين، ثاني أكبر سلطة في العالم بعد الإمبراطورية البريطانية. امتدت الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية الثانية لمساحة ١٢٣٤٧٠٠٠ كم² من الأراضي في أقصى اتساعها عند بدايات القرن العشرين. فالأراضي التي خضعت لحكم الإمبراطوري.

بدأت فرنسا في تأسيس مستعمرات في أمريكا الشمالية والكاريبي والهند، محققة نجاحات الإمبراطوريتين الإسبانية والإمبراطورية البرتغالية أثناء عصر الاستكشافات، في تنافس مع بريطانيا للسيادة. وقد أدت سلسلة من الحروب مع بريطانيا في القرن الثامن عشر ومطلع التاسع عشر، والتي خسرتها فرنسا، إلى انتهاء طموحاتها الاستعمارية في تلك القارات، ومعها انتهت ما سماه بعض المؤرخين الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية «الأولى». وفي القرن التاسع عشر، أسست فرنسا إمبراطورية جديدة في أفريقيا وجنوب شرق آسيا، والتي ظلت متماسكة بالرغم من غزو فرنسا من قِبل ألمانيا النازية أثناء الحرب العالمية الثانية. بعد الحرب، بدأت الحركات المناهضة للاستعمار في تحدي السلطات الفرنسية، وقد حاربت فرنسا بدون نجاح حروباً مريرة في عقد ١٩٥٠ ومطلع عقد ١٩٦٠ في الفيتنام والجزائر تشبثاً بالإمبراطورية.

وبنهاية سنة ١٩٦٢، كانت معظم مستعمرات فرنسا قد حصلت على استقلالها، ما عدا بعض الجزر والأرخبيل الموجودين في شمال الأطلسي، والبحر الكريبي، والمحيط الهندي، وشمال وجنوب المحيط الهادي، المحيط المتجمد الجنوبي، بالإضافة إلى أرض يابسة في أمريكا الجنوبية، تشكل مع بعضها مساحة ١٢٣.١٥٠ كم² أي ما يساوي ١% من مساحة الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية قبل ١٩٣٩، ويعيش فيها حوالي ٢٥٦٤٠٠٠ نسمة في إحصائيات ٢٠٠٧. جميعهم يتمتعون بتمثيل سياسي كامل على المستوى الوطني، وبدرجات متفاوتة من الحكم الذاتي التشريعي.
مع انتهاء حروب فرنسا الدينية، دعم الملك هنري الرابع العديد من الشركات التي أقيمت لغاية تطوير التجارة مع الأراضي الفرنسية البعيدة. في شهر ديسمبر ١٦٠٠، أُسست شركة جديدة من خلال اتحاد سان مالو مع لافال وفيتري للتعاون بالتجارة مع جزر الملوك واليابان. انطلقت في شهر مايو من عام ١٦٠١ سفينتان، حملتا اسم كرواسان وكوربين، حول رأس الرجاء الصالح. تحطمت إحدى السفينتين في المالديف، وألقى سكان هذه الجزر القبض على فرانسوا بيرار دي لافال، وبقي سجينهم لخمس سنوات، إلى أن تمكن من العودة إلى فرنسا في عام ١٦١١. وصلت السفينة الثانية التي تحمل فرانسوا مارتي دي فيتريه إلى سيلان (مجموعة الجزر التي تعرف اليوم باسم سريلانكا) وتبادلت البضائع مع سلطنة آتشيه في سومطرة، إلا أن الهولنديين استولوا عليها خلال رحلة عودتها إلى خليج فينيستر. كان فرانسوا مراتين دي فيتريه أول فرنسي يكتب سردًا للأسفار إلى الشرق الأقصى في عام ١٦٠٤، وذلك بناءً على طلب الملك هنري الرابع، ونُشرت بعد ذلك العديد من التقارير حول أسفار الأوروبيين عبر القارة الآسيوية.