هاني نديم يكتب : عن صحافة المواطن
دبّ الرعب في قلوب الأكاديميين ورؤساء التحرير والمنشآت الصحافية الكلاسيكية مع انتشار "صحافة المواطن" لأسباب عدة، اقتصادية، ومهنية وبنيوية إذ أن هذا النوع من الصحافة يضرب عمق الجذور الصحافية التي تراكمت عبر مئات السنين. فقد صار بإمكان أي فرد حول العالم أن يصبح صحافياً ومؤثرأ و(صانع محتوى) وبلوغر إلى آخر تلك المصطلحات الهزيلة وينتقل برهافة شديدة من السخافات إلى صناعة الخبر بل والحدث بحد ذاته.
ومع الانتشار المرعب لهؤلاء وسهولة تلقيهم من قاعدة واسعة من الجماهير، تصدّعت بنيوية المراسل الأكاديمي وتراجعت أهمية الصحافيين المنهجيين ممن أفنوا عمرهم في دراسة الصحافة وصار المهني منهم مكلفاً وفائضاً عن الحاجة. كذلك؛ الصحف أغلقت فروعها واكتفت بالمنصات واضطرت إلى استثمار تلك "الشعبوية" لتظل على قيد الحياة.
في العراق هنالك جدلٌ شديدٌ حول ما اصطلح عليه "المحتوى الهابط" وكلامٌ يروح ويجيء عن محاكمة كل صنّاع المحتوى المخالف للقواعد العامة والقوانين.
في سوريا، انتشرت في الآونة الأخيرة صحافة المواطن بشكل مرعب حقاً يحتاج معه إلى تنظيم وإحكام وإن يكاد يكون الأمر مستحيلاً.. ولكن لعل التوعية بمخاطر هذا النوع من الصحافة يفيد.
للصحافة قسَمٌ كقسم الأطباء والقضاة، والمسؤولية أول ملامح الصحافي وهذا ما لا يتوفر بالإعلاميين الجدد ممن لا همّ لهم إلا بناء منصاتهم والعوائد منها. فمنهم اليوم من يتكلم باسم سوريا كاملةً لتحقيق مكاسب ومشاهدات. ويشحد المعونات وغيره وهو ما يجعلك تكاد تتفجر من الغيظ مع وجود جماهير من حوله تدفعه قدماً وتشجعه على ذلك.
درست الصحافة بشكل منهجي إلى جانب عملي، وعلى كبر نلنا الماجستير وأنا أعد الدكتوراة على كبر شويتين كمان، وما زلت أرفض كل عروض ظهوري على شاشة أو تقديم برنامج خوفاً ورعباً من تلك المهنة الغول. اتقوا الله والشرف في الناس.. قاطعوا تلك (المنتجات) مقاطعتكم الأوبئة.
