دول أفريقيا بين الاستقلال الحقيقي والمزيف

بقلم/ رياض عكر
كغيره من مصطلحات العلوم الانسانية يصعب ان نجد تعريفاً جامعاً مانعاً لمصطلح الاستقلال ، ولكن أغلب الذين اجتهدوا في تعريفه اتفقواعلى ان من اهم عناصر الاستقلال هي ان تكون للدولة المستقلة سيادة مطلقة على اقليمها وان تمتلك قرار نفسها غير متأثرة في اتخاذه الابمصالحها ومصالح شعبها وما يحقق آماله و تطلعاته، وبأخذ هذا المعيار في عين الاعتبار لتقييم استقلال الدول في قارتنا الأفريقية يثورتساؤل جاد ومهم جداً لحاضر القارة ومستقبلها وهو هل استقلت كل دول افريقيا استقلالاً حقيقياً بالفعل ؟؟ سؤال لا يروق للكثيرين طرحه لما يحتويه من تشكيك في استقلالنا كأفارقة خاصة بعد التضحيات الجسام التي قدمتها شعوب هذه القارة العريقة و قادتها التاريخيون العظام ولكن ومن مبدأ المصارحة والمكاشفة لمواجهة العوائق والاشكالات الواقعية وجب طرح هذا التساؤل، خاصة في ظل ما تشهده القارة اليوم من نزاعات داخلية بين دولها بتغذية مباشرة من أطراف خارجية تسعى لحفظ او توسيع نفوذها في افريقيا ، والاجابة عن هذا التساؤل يمكن انتكون بالايجاب او بالنفي اعتماداً على الدولة التي نحن بصدد الحديث عن استقلالها من عدمه ، فلا يمكن ان ننكر ان دول كثيرة في القارة هي دول كاملة الاستقلال اليوم بكمال سيادتها على اقليمها وبحريتها في اتخاذ قرارها و تحديد مواقفها تجاه القضايا الدولية ولكنّ الاجابة قد تكون بالنفي أيضاً ونحن في إطار الحديث عن بعض الدول الاخرى التي استقلّت شكلاً ولكنها لم تستقل مضموناً ، فالاستقلال لا يقوم بمجرد اعلانه او بعلمٍ او نشيد وطني وانما هو سيادة و حرية وقدرة كما أشرنا أنفاً ، وبتقييم الوضع في بعض دول القارة اليوم و التي اعلنت استقلالها منذ عشرات السنوات نجدها مع كامل الاسف مازالت غير قادرة على ممارسة سيادتها بشكل كامل حتى على بعض الاجزاء من اقليمها ، فهي مازالت ناقصة السيادة أسيرة القرار، فلا يمكنها حتى الان ان تتخذ قراراتها الوطنية بمعزل عن عواصم المستعمر القديم التي مازالت تحتفظ بموروثه الهجين الذي سعى من خلاله الي تبديل هوية وثقافة و انتماء شعوب القارة التي احتلّها لاشباع رغباته الامبريالية ، ناهيك عن التواجد العسكري الاجنبي في القارة تحت مسميات وذرائع متعدده ظاهرها الحماية و باطنها تأجيج الخلافاتوالحفاظ على الوضع القائم بما يضمن نفوذ الاجنبي ويرعى مصالحه وهو الامر الذي وجب الوقوف عليه والسعي الي تغييره بكل الطرق الممكنة فلا شك ان القارة لن تحظى باستقلالها الكامل مادامت مرهونة للإرادة المنفردة للأجنبي ، و نحن اذ نثير هذه المسائل فلا شك اننا نسعى للفت الانتباه الي وضعنا و واقعنا الذي نعتقد انه بحاجة الي تغيير حقيقي ينتهي بنا الي الاستقلال التام لقارتنا التي لطالما عانت من ويلات الاستعمار ومن أدواته التي سلبت الثروات ونالت من الحقوق التي نؤمن أنها تنتزع ولا تمنح .