العلاقات الاقتصادية الثنائية بين جمهورية مصر العربية والجمهورية التونسية

العلاقات الاقتصادية الثنائية بين جمهورية مصر العربية والجمهورية التونسية

كتب/ محمد عبدالمحسن سيد

نبذة عن العلاقات الاقتصادية بين الدولتين :

على عكس العلاقات السياسية بين البلدين ، والتي كان ظهورها مبكرًا منذ القرن التاسع عشر، وبلوغ ذروتها في عهد الزعيم الراحل "جمال عبدالناصر" _رحمه الله _ والذي ساند تحرر تونس سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا وكذلك دعمه لأُسر شهداء ومصابي الشعب التونسي بتقديم مبلغ 20 ألف جنيه لهم ، إلَّا أنَّ العلاقات الاقتصادية بشكلها المُنظم قد تأخر ظهورها إلى أواخر القرن العشرين بالتحديد في شهر ديسمبر 1989 إذ أنَّه كان شاهدًا على توقيع العديد من الاتفاقيات كان من ضمنها اتفاقيات للتعاون الصناعي ، وتشجيع الاستثمارات، ثم العام 1998 والذي شهد توقيع اتفاقية للتبادل التجاري الحر ، ثم فبراير 2004 والذي شهد توقيع اتفاقية أغادير بين مصر وتونس والمغرب والأردن.

 مجالات العلاقات الاقتصادية بين الدولتين والجهود المبذولة لتنميتها:

مجاليّ الزراعة والثروة السمكية:

أثناء أعمال الدورة ال 17 للجنة المشتركة العُليا التي انعقدت في 2022 تم توقيع مذكرة تفاهم ثنائي تخدم التعاون الزراعي بين البلدين. هذا وفي نفس العام قد تم عقد اجتماع جمع وزيريّ الزراعة في كلتا الدولتين، تم الاتفاق فيه على تبادل الخبرات والاستفادة من تجربة كل دولة، في المجالات التي تتميز بها. حيث قد تم الاتفاق على نقل الخبرة المصرية في مجالات اللقاحات البيطرية، وتحسين السلالات ، والاستزراع السمكي ، وتربية الجمبري، والتفريخ في المياه العذبة والمياه المالحة، ونقل التجربة التونسية في مجال الأقفاص البحرية وتربية أسماك التونة .

هذا وقد اتفق كلا الوزيرين على تفعيل التعاون المشترك في مجال الزراعة العضوية ، ومكافحة الحشرات والآفات التي تؤذي المحاصيل الزراعية في كلا الدولتين، وتوفير تقاوي المحاصيل الاستراتيجية، وتبادل الخبرات في تحسين جودة زيت الزيتون. هذا وقد كان من نتائج اللقاء الذي جمع بين الوزيرين الاتفاق على زيادة التبادل التجاري الزراعي بين البلدين.

مجاليّ الصناعة والسياحة :

في شهر ديسمبر من العام 1989 تم التوقيع من كلا الجانبين على اتفاقية للتعاون في مجال الصناعة، وفي سبتمبر من العام 2015 تم توقيع 16 مذكرة تفاهم وبرنامج تنفيذي كان من بينها التوقيع على البرنامج التنفيذي للتعاون في مجال الصناعات التقليدية. وكذلك تم التوقيع على البرنامج التنفيذي لبروتوكول التعاون الصناعي وقيام شركة صناعية مصرية بالاستثمار في مصنع لها في مدينة سوسة بلغت استثمارات إنشائه 10 ملايين دولار.

وقد شهد العام 2001 أولى مذكرات التفاهم في مجال السياحة، وكذلك شهدت السنوات من 2007 إلى 2015 توقيع مذكرات تفاهم وبرامج تتفيذية أدت إلى زيادة التعاون بين كلتا الدولتين في مجال السياحة، الذي يُعد إحدى الركائز الهامة للاقتصاد القومي للدولتين الشقيقتين. وخلال العام الحالي 2023 التقي وزير السياحة المصريّ مع نظيره التونسيّ ووفد برلماني من مملكة المغرب الشقيقة، تم الاتفاق فيه على تعزيز السياحة البينية بين الثلاث دول وتشارك الرؤى والخبرات بين الدول الثلاث في مجال السياحة.

مجاليّ النقل والطاقة :

شهد العام 2000 توقيع جمهورية مصر العربية والجمهورية التونسية اتفاقية تنُص على عبور الطرقات بين مصر وتونس، وحرية مرور الأشخاص والبضائع، وفي عام 2017 تم توقيع اتفاقية للنقل البحري بين البلدين ، وفي نفس العام تم توقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة لميناء الإسكندرية وديوان الموانئ البحرية والتجارية. كذلك تم التوقيع من كلا الجانبين على مذكرة تفاهم للاعتراف المتبادل بين شهادات الكفاءة والأهلية البحرية للملاحين ، بما يضمن عمل الملاحين المصريين والتونسيين في أي من الدولتين. وفي العام الحالي تم الاتفاق على إنشاء خط ملاحي مشترك يربط ما بين الدولتين وتقديم خدمات الشحن والخدمات اللوجستية من خلال التعاون بين موانئ كلتا الدولتين ، والاتفاق على التنسيق في مجال الناقلات الجوية.

 هذا وفي عام 2017 تم التوقيع من كلا الجانبين على مذكرة تفاهم في مجال الطاقات الجديدة والمتجددة والتحكم في الطاقة. هذا ويمثل حجم المنتجات البترولية المُصدَّرة من مصر إلى تونس أكثر من نصف حجم الصادرات المصرية للجمهورية التونسية الشقيقة.

مجاليّ التجارة والاستثمار :

وفقًا للتقرير الصادر عن جهاز التمثيل التجاري، وصل الميزان التجاري بين الدولتين في عام 2020 إلى 314.5 مليون دولار، وفي عام 2019 وصل إلى 600 مليون دولار، وفي العام الحالي 2023 يُتوقع أن يكون الميزان التجاري بين ال 350 و 400 مليون دولار مع ميل كفة الميزان التجاري لصالح الدولة المصرية. حيث حمل عام 2023 عام تطوير التعاون الاقتصادي بين جمهورية مصر العربية والجمهورية التونسية. هذا وقد بدأت العلاقات التجارية بين الدولتين في العام 1989 إذ أنَّه كان شاهدًا علي توقيع اتفاقية للتبادل التجاري الحر بين البلدين تم تفعيله مرة أخرى في العام 1998 من خلال اتفاقية التبادل التجاري الحر بين الدول العربية، وفي العام 2004 تم التوقيع على اتفاق أغادير بين مصر وتونس والمغرب والأردن والذي ينص على منح إعفاءات تجارية، وتوحيد منشأ مدخلات السلع المتبادلة بين الأربع دول مع تصديرها لدول الاتحاد الأوروبي، كما أنَّه تم في العام 2017 التوقيع على مشروع مذكرة تفاهم بين الدولتين في مجال المعارض والأسواق الدولية، وفي العام 2022 تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين هيئة تنمية الصادرات المصرية ومركز النهوض بالصادرات بدولة تونس.

وتبلغ حجم الاستثمارات التونسية في مصر ما مقداره 800 مليون دولار ، في زيادة كبيرة عن حجم الاستثمارات المصرية في دولة تونس، في العام 2022 تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للرقابة المالية وهيئة السوق المالية بالجمهورية التونسية. وفي نفس العام تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، ووكالة النهوض بالاستثمار الخارجي بدولة تونس. هذا وقد تم في العام 2015 توقيع مذكرة تفاهم بين الدولتين للتعاون في مجال البورصة، وكذلك تم في نفس العام التوقيع على مذكرة تفاهم بين الصندوق الاجتماعي للتنمية والبنك التونسي للتضامن، وفي العام 2021 تم الاتفاق على تفعيل الغرفة التجارية المصرية التونسية، وفي عام 2020 كشف رئيس مكتب التمثيل التجاري المصري في الجمهورية التونسية أنَّه هناك دراسة لإنشاء بنكٍ مصريّ تونسيّ مشترك لتسهيل انسياب رءوس الأموال بين كلتا الدولتين.

مستقبل العلاقات الاقتصادية بين الدولتين :

نجد مما سبق بيانه حجم الجهود الكبيرة المبذولة بين كلتا الدولتين في سبيل النهوض بمستوى العلاقات الاقتصادية في مختلف المجالات، والتي إن تم تفعيلها والقيام بتحقيقها فسوف يترتب عليها إحداث تقدم كبير في العلاقات الاقتصادية الثنائية بين الدولتين والذي سيعود بالنفع على شعبيّ الدولتين الشقيقتين ويُسهم في زيادة حصيلة الدولتين من العملات الأجنبية الصعبة الناتج من التعاون الاقتصادي بين الدولتين في مختلف مجالات الاقتصاد.

إلَّا أنَّ إحداث طفرة في العلاقات الاقتصادية بين الدولتين يتوقف على دولة شقيقة ثالثة يجب السعي نحو إدماجها لإتمام التعاون الاقتصادي المتكامل والذي سيكون بين ( مصر وليبيا وتونس) وهذا ما سوف يتم تناوله بمشيئة الله تعالى في المقالة القادمة.

المرجع :

الهيئة العامة للاستعلامات.