إننا أقوى الآن مما كنا فى الماضى ومما كنا فى أى وقت

إننا أقوى الآن مما كنا فى الماضى ومما كنا فى أى وقت

لقد أشاع المغرضون أن وحدتنا قد تفككت، وأن قوتنا قد تفككت؛ فخرجت الرجعية يسندها الاستعمار.. خرجوا متحدين متكاتفين ضد هذا الوطن وضد أبناء هذا الوطن، ضد هذه الثورة وضد الأهداف التى قامت من أجلها هذه الثورة. قاموا يضللونا ويخادعونا، قاموا يطالبون بالمصالح التى تعودوا عليها فى الماضى، قاموا يطالبون بالاستبداد، وقاموا يطالبون بالاستغلال، قاموا يتهمون هذه الثورة وأفراد هذه الثورة.

ولكن أنتم يا رجال الجيش.. يا من قمتم فى ٢٣ يوليو تؤمنون بالمبادئ وتؤمنون بالأهداف، وتؤمنون بالمثل العليا، وتؤمنون بآلام هذا الشعب، وتؤمنون بآمال هذا الشعب؛ قمتم فى ٢٣ يوليو لتخلصوا الشعب من آلامه، ولتحققوا له آماله.. أنتم يا رجال القوات المسلحة.. يا من قمتم فى ٢٣ يوليو ستوقفون الرجعية فى مكانها، وستحطمون الاستعمار وأهدافه.

طالما تألم الشعب، وطالما همس الشعب، وطالما صرخ الشعب، وطالما تاه هذا الشعب بين المبادئ المختلفة وبين الأهداف المختلفة، وطالما ضلل هذا الشعب، وطالما خدع هذا الشعب، ولكن أنتم يا رجال القوات المسلحة استطعتم أن تبلوروا الأهداف، واستطعتم أن تبلوروا المبادئ، واستطعتم أن تبلوروا المثل العليا؛ فقمتم بهذه الثورة لتحققوا هذه المبادئ، ولتحققوا هذه الأهداف، ولتحققوا هذه المثل العليا.

وإن الرجعية إذا أرادت أن تحطم الأشخاص، وإذا أرادت أن تلوث الأشخاص، وإذا تمكنت من أن تحطم الأفراد، فلن تحطم المبادئ، ولن تحطم الأهداف، ولن تحطم المثل العليا طالما كنتم مؤمنين بها أنتم أيها الإخوان.

إنى أقولها من هذا المكان؛ هذا المكان الطاهر الذى نبتت منه هذه الثورة: لقد نبتت هذه الثورة خلف مبادئ سامية وخلف أهداف عالية، نبتت وتجمعت حولها قوات مسلحة وأفراد قلائل من القوات المسلحة.. آمنوا بها وآمنوا بالأهداف وآمنوا بالمثل العليا، ولكنا نرى أمامنا اليوم رسالة قوية ورسالة صعبة تحتاج منا تضافراً، وتحتاج منا جهداً، وتحتاج منا مجهوداً؛ هذا المجهود سنقاوم به الرجعية، وسنقاوم به الخداع، وسنقاوم به التضليل.

إن الرجعية اليوم تنادى بالحق.. هذا الحق الذى لا يراد به إلا الباطل، طالما خدعوا هذا الشعب فى الماضى؛ خدعوه بالأهداف البراقة، وخدعوه بالحق الذى يراد به الباطل، ولكنهم لن يخدعوكم أنتم أيها الرجال.

إننى من هذا المكان أعاهدكم اننى لن أخادع ولن أضلل.. لن أخادع ولن أضلل، ولن أستجدى أبداً مهما قالوا، ومهما تحولوا، ومهما حاولوا أن يهدموا فى الأفراد؛ لأننى أؤمن بالمبادئ، وأؤمن بالمثل العليا، وأؤمن أن المبادئ ستنتصر، وأن المثل العليا ستنتصر مهما زالت الأشخاص.

نعم - أيها الإخوان - سأحارب الرجعية، وسأحارب الاستعمار، ولن أخادع ولن أضلل، وستحقق هذه الثورة أهدافها مهما كانت الوسائل ومهما كانت الطرق؛ طالما كنتم تؤمنون بالمبادئ وتؤمنون بالمثل، وطالما كنتم متحدين متكاتفين، وطالما لم يغرر بكم كما يريدوا أن يغرروا بالشعب، وطالما لم تخدعوا كما يريدوا أن يخدع الشعب، وطالما تتبصروا الأمور وتعرفوا الحقائق، وتعرفوا أين السبيل الذى نسير إليه وما هو الطريق الذى يجب أن نسير فيه.

إننا - أيها الإخوان - سنسير متحدين متكاتفين، ولن تتمكن الرجعية من أن تخرج من الجحور؛ لأننا سنقف يداً واحدة تعمل على تحقيق أهداف هذه الثورة.

لقد قالوا: إن الثورة تصفى أعمالها، ولكنى أقولها لهم من هذا المكان: إن الثورة تسير فى طريقها قدماً، قوية شجاعة لا تهاب ولا تخاف حتى تحقق الأهداف التى قامت من أجلها فى ٢٣ يوليو. إن الثورة ممثلة فيكم يا رجال القوات المسلحة ستحقق أهدافها مهما كانت الصعاب التى ستقف فى طريقنا. وإننا لم نخف ولم نهتز مطلقاً، وإذا شعر أى فرد وإذا شعرت الرجعية أننا خفنا أو أننا اهتززنا من هتافات أو من خداع أو من تضليل، فإنها تكون تخدع نفسها.

إننا أقوى الآن مما كنا فى الماضى ومما كنا فى أى وقت، لقد قالوا عن تحديد الملكية: إنهم سيصفون تحديد الملكية، ولكنى أعلن من هذا المكان أن توزيع الأرض سيسير فى الطريق، وأن مشروعات الثورة لن يستطيع أى فرد فى هذه البلاد من أن يرجع فيها؛ فإن عجلة الزمن لا يمكن أن تعود إلى الوراء.

إخوانى.. قد يتمكنوا من أن يهدموا الأشخاص، ولكنهم لن يهدموا المبادئ ولن يهدموا المثل. إن هذه الثورة أمانة فى أعناقكم، وإن هذه الأهداف وإن هذه المثل العليا أمانة فى أعناقكم، فسيروا - أيها الإخوان - على بركة الله حتى تحقق هذه الثورة أهدافها.

والسلام عليكم ورحمة الله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كلمة البكباشى جمال عبد الناصر فى حفل فى نادى ضباط الجيش 

بتاريخ التاسع من مارس عام ١٩٥٤م.