بمناسبة العيد الــ ٧١ للشرطة المصرية .. لمن يرجع الفضل في تخليد عيد الشرطة المصرية

بمناسبة العيد الــ ٧١ للشرطة المصرية .. لمن يرجع الفضل في تخليد عيد الشرطة المصرية
من الأيام الخالدة في الذاكرة الوطنية المصرية .. عيد الشرطة ٢٥ يناير ١٩٥٢
الفضل في تخليد هذا اليوم يعود إلى الزعيم جمال عبدالناصر
٢٥ يناير ١٩٥٢ .. هو ليس يوما عاديا في تاريخ النضال الوطني ضد قوات الأحتلال البريطاني في سبيل الحرية والأستقلال ، لأنه لم يكن شاهدا فقط على بسالة وشجاعة رجال الشرطة المصرية، حينما رفضوا تسليم محافظة الإسماعيلية للبريطانيين، رغم قلة أعدادهم، وضعف أسلحتهم، فسقط العديد من الشهداء ومئات الجرحى، و لكن لأن هذا اليوم شهد ملحمة وطنية رائعة في التضحية والفداء في سبيل الوطن ، ألتحم فيها المواطنين مع قوات الشرطة ضد العدو المغتصب ، الأمر الذي كان له أكبر الأثر في تمهيد الطريق لقيام ثورة ٢٣يوليو ١٩٥٢ وجلاء قوات الإحتلال البريطاني بعد ذلك ، فهذا هو درس الماضي إلى الحاضر ، وما أحوجنا إليه اليوم لكي نتعلمه ونتدبره .
البداية كانت في أكتوبر من عام ١٩٥١ عندما قررت حكومه الوفد تحت ضغط المشاعر الوطنية الملتهبة إلغاء معاهدة ١٩٣٦ التى كانت قد أبرمتها مع الحكومة البريطانية عندما بدأت تلوح في الأفق بوادر إندلاع الحرب العالمية الثانية ، والتي فرضت على مصرعبء الدفاع عن المصالح البريطانية.
وفي أعقاب ذلك أندفع الشعور الوطني كالسيل الجارف يعمل على إقتلاع قوات الاحتلال الإنجليزي من منطقة القناة ، حيث توجد أكبر قاعدة بريطانية في المنطقة تضم (٨٠ ألف جندي) مزودين بأحدث أسلحة تلك الفترة ، حيث بدأت حرب الفدائيين ، وقد أشترك فيها كل طوائف الشعب المصري (ماعدا الإخوان حيث منعهم مرشدهم الهضيبي من ذلك).
ولم يتوقف الأمر على ذلك ، حيث توقف المتعهدون عن توريد المواد الغذائية من الخضراوات واللحوم والمستلزمات الأخرى الضرورية لإعاشة ثمانون ألف جندي بريطاني ، وصاحب ذلك إنسحاب العمال المصريين (٩١٥٧٢) من العمل في معسكرات قوات الإحتلال مما أدى إلى وضع القوات البريطانية في منطقة القناة في حرج شديد ، وزاد الأمر صعوبة الخسائر البشرية الكبيرة التي نزلت بهم نتيجة العمليات الفدائية.
ونتيجة لذلك أشتعل غضب قوات الإحتلال في منطقة القناة خاصة في الإسماعيلية ،فلجأوا إلى الأعمال الوحشية ضد الأهالي هناك لأرهابهم ، خاصة وأن معارك الفدائيين شهدت تعاون قوات البوليس مع الأهالي ،‏ وأدرك البريطانيون أن الفدائيين يعملون تحت حماية البوليس،‏ فعملوا علي تفريغ مدن القناة منهم ، وبالتالي يتمكنوا من الاستفراد بهم بعد تجريدهم من أي غطاء أمني‏ .
ففي صباح يوم الجمعة ٢٥ يناير ١٩٥٢ استدعى القائد البريطاني بمنطقة القناة ( البريجادير أكسهام ) ضابط الاتصال المصري، وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات البوليس المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وتجلو عن دار المحافظة والثكنات، وترحل عن منطقة القناة كلها. والانسحاب إلى القاهرة بدعوى أنها أصبحت مركزأ لإيواء الفدائيين المصريين ، إلا أن قائد قوات البوليس المصري النقيب مصطفى رفعت رفض هذا الإنذار قائلا لن نسلم أو نستسلم إلا بعد أن نكون جثثاً هامدة .
فزاد ذلك من غضب القائد الانجليزي أكسهام ، فأمر جنوده ( سبعة آلاف ) بمحاصرة مبنى المحافظة في الأسماعيلية ، مزودين بالأسلحة، تدعمهم الدبابات و العربات المصفحة ومدافع الميدان ، بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يزيد على ثمانمائة في الثكنات وثمانين في المحافظة، لا يحملون غير البنادق.
واستخدم البريطانيون كل ما معهم من الأسلحة في قصف مبنى المحافظة، ومع ذلك قاوم الجنود المصريون واستمروا يقاومون ببسالة وشجاعة فائقة ودارت معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة فى القسم ولم تتوقف هذه المجزرة حتى نفدت آخر طلقة معهم بعد ساعتين من القتال، سقط منهم خلالهما ٥٠ شهيدًا و ٨٠ جريحا وهم جميع أفراد حنود وضباط قوة الشرطة التى كانت تتمركز فى مبنى القسم ، وأصيب نحو سبعون آخرون، هذا بخلاف عدد آخر من المدنيين وأسر من بقي منهم.
ولم يستطع الجنرال اكسهام ان يخفي اعجابه بشجاعة المصريين فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال‏:‏ ( لقد قاتل رجال الشرطه المصريون بشرف واستسلموا بشرف ولذا فان من واجبنا احترامهم جميعا ضباطا وجنودا ) ، ولهذا أمر أكسهام جنود فصيله بريطانيه باداء التحيه العسكريه لطابورمن رجال البوليس المصري عند خروجهم من دار المحافظه ومرورهم امامهم تكريما لهم وتقديرا لشجاعتهم‏ ، ونتيجة لهذا اكتسب هذا اليوم خصوصية عند كل المصريين خاصة لدى الشرطة و أهل الإسماعيلية، الذين تكاتفوا لمقاومة قوات الاحتلال، فتقاسم رجال الشرطة ومحافظة الإسماعيلية هذا اليوم ليكون عيدًا لهم ولكل المصريين.
أما الفضل في تخليد هذا اليوم في الذاكرة الوطنية المصرية فيعود إلى الزعيم جمال عبدالناصر، الذي أمر بإقامة نصبًا تذكاريا بمبني بلوكات النظام بالعباسية تكريما لشهداء البوليس المصري، وهو عبارة عن تمثال رمزي لأحد رجال الشرطة البواسل، الذين استشهدوا خلال معركة النضال و الصمود في الإسماعيلية ، وقد خطب عبدالناصر مشيدا بتلك التضحيات قائلا :
«إننا كنا نرقب دائما أيام القتال كيف كان يكافح رجال البوليس العزل من السلاح رجال الامبراطورية البريطانية المسلحين بأقوى الاسلحة و كيف صمدوا ودافعوا عن شرفهم وشرف الوطن ، كنا نرقب كل هذا و كنا نحس فى نفس الوقت أن الوطن الذى يوجد فية هذا الفداء و توجد فيه هذه التضحية لابد أن يمضى قدما إلى الأمام .. لابد أن ينتصر .. لقد راقبا معركة الاسماعلية و كنا نتلظى فى الجيش ، كنا نريد أن نفعل شيئا و لكننا فى تلك الايام لم يكن لنا حيلة و لكن كان هذا يدفعنا الى الامام و ذلك بدفاعهم و استشهادكم فى الاسماعلية».
المصدر/ صفحة كلنا جمال عبدالناصر