سمير فرج... من ميادين القتال إلى صدارة المشهد الثقافي والسياسي في مصر

سمير فرج... من ميادين القتال إلى صدارة المشهد الثقافي والسياسي في مصر

من مدينة بورسعيد الباسلة، بزغ نجم واحد من أبرز القادة العسكريين والمفكرين الاستراتيجيين في مصر الحديثة. إنه اللواء أركان حرب دكتور سمير فرج، الذي جمع بين الصرامة العسكرية ووهج الفكر والثقافة، فكان نموذجاً نادراً للقائد والمثقف والمسؤول العام.

ولد فرج في 14 يناير، وبدأ مسيرته بالتخرج من الكلية الحربية عام 1963 ليلتحق بسلاح المشاة، ويتدرج في مناصب القيادة حتى أصبح مديراً لإدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة المصرية لسبع سنوات متتالية. وفي عام 1973، تخرج بتفوق من كلية أركان الحرب، مما أهله للحصول على بعثة نادرة إلى كلية كمبرلي الملكية في بريطانيا، إحدى أعرق المؤسسات العسكرية في العالم، حيث نال المركز الأول.

ولأنه كان دائماً سابقًا لأقرانه، عُيِّن أول ضابط غير بريطاني يُدرِّس في الكلية، ممثلاً لحلفي الناتو والكومنولث، ليعود بعدها إلى مصر ويواصل صعوده في سلم القيادة، متنقلاً بين معهد المشاة، وهيئة العمليات، والمخابرات الحربية.

لكن دور اللواء فرج لم يقتصر على الزي العسكري، فقد تولّى في الحياة المدنية مناصب مفصلية، منها محافظ الأقصر (2004–2011) حيث قاد نهضة سياحية وثقافية كبرى، ومدير دار الأوبرا المصرية، ووكيل أول وزارة السياحة، وصولاً إلى رئاسة مجلس إدارة شركة NATENERGY القابضة للطاقة والغاز منذ عام 2011.
إلى جانب المناصب، يُعد فرج أحد العقول الاستراتيجية البارزة في مصر، وعضواً نشطاً في مراكز بحثية مرموقة مثل المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS) في لندن. وله رصيد فكري متنوع، إذ أصدر سبعة كتب من بينها: "أوراق من حياتي", "شاهد على حرب أكتوبر", و"الاستراتيجية والأمن القومي: وجهان لعملة واحدة".

ولا تزال كلماته تتردد أسبوعيًا في أعمدة صحفية ثابتة بجريدة "الأهرام" يوم الخميس، و"أخبار اليوم" و"المصري اليوم" أيام السبت، كما يكتب في "السياسة الدولية" و"الشرق الأوسط" و"الحياة اللندنية"، مُسهماً بتحليلاته الدقيقة في فهم الواقعين الإقليمي والدولي.

اللواء الدكتور سمير فرج ليس مجرد سيرة مهنية لامعة، بل هو تجسيد حي لقدرة الإنسان المصري على الجمع بين القوة والفكر، بين الانضباط والخيال، بين السلاح والقلم.