متحف النوبة

متحف النوبة

على ربوةٍ عاليةٍ بجوار مقياس النيل؛ والتي تُعد واحدةً من أجمل المناطق الأثرية الموجودة بأسوان، يقع متحف النوبة على مساحة تبلغ خمسين ألف متر مربع؛ يُقام مبنى المتحف على سبعة آلاف متر مربع منها، وثلاثة وأربعون ألف متر مربع للموقع الخارجي والعرض المكشوف، وخُصصت نصف المساحة المُقام عليها مبني المتحف لقاعات العرض المتحفي الداخلي، والنصف الآخر للمخازن والترميم، وإدارة البحوث، وأماكن الإدارة، والخدمات العامة.

بدأت قصة إنشاء هذا المتحف منذ بداية تخصيص الأرض بمنطقة الفنادق والمجاورة لبعض المقابر الفاطمية إلى اكتمال البناء بصورته التي نراها عليه اليوم. ومن المعروف بمجال الآثار أن أيَّ بناء بأرض أثرية أو مجاورة لأثر لابد أن يتم عمل حفائر بها قبل البناء؛ للتأكد من خلو الأرض من الآثار أو نقل الآثار منها حال وجودها. بدأ الحفائر في أرض المتحف، التي كانت أرضًا صخريةً لمدة ٦ أشهر متواصلة بشكل يومي يبدأ من السادسة صباحا وينتهي مع الثانية ظهرًا. وخلال أعمال الحفائر تم الكشف عن عدد ٤ مقابر ترجع للعصر الروماني، وكانت المقابر منحوتة في الصخر وبدون كتابات مع وجود بعض التوابيت الحجرية بداخلها وبعض أواني الفخار التي يُطلق عليها (انفورات) بأعداد كبيرة.

وقد قامت الشركة المُنفذة بإنشاء أساسات متحف النوبة منذ عام ١٩٨٥م. ويتميز التصميم المعماري للمتحف بالطراز النوبي المعماري، الذي استوحاه المصممون من المقابر الفرعونية، حيث يتكون المتحف من عدة طوابق؛ البدروم: ويحتوي على قاعة العرض الرئيسة ومعامل الترميم والورش ومخازن الآثار ومركز استقبال والمسرح المكشوف. الطابق الأرضي: وبه المدخل الرئيسي وقاعة عرض وقاعة المحاضرات وقاعة لكبار الزوار وغرف الأمن والإدارة وغرفة مدير عام المتاحف. الطابق الأول: ويتضمن الكافيتريا والمكتبة والمتحف وحجرات تصوير فوتوغرافي، وميكروفيلم، وإدارة المتحف، والخدمات.

ظل المبني مظلمًا تمامًا وبدون كهرباء إلى أن بدأت حركة العمل به في عام ١٩٩٧م، وتم إحضار حوالي ١٠٠٠ قطعة أثرية من ثلاثة متاحف بالقاهرة هي المتحف المصري، والإسلامي، والقبطي، كان النصيب الأكبر من المتحف المصري. وتم نقلها عن طريق عدد ٦ سيارات نقل غير مكشوفة ولها أبواب معدنية، بدأت رحلة النقل من المتحف المصري فجر يوم ٩ يوليو واستمرت حوالي ٣٥ ساعة عن طريق البحر الأحمر في رحلة شاقة.

وعند وصولها مخزن المتحف بدأ العمل مباشرة في تقسيم القطع الأثرية إلى مجموعات، كل مجموعة تمثل رقم مكان عرضها المخصص، وتم الانتهاء من تنفيذ سيناريو العرض في فترة قياسية، وفي نفس الوقت وصلت تماثيل الأطفال النوبيين وشيخهم وتماثيل الفرح النوبي من إنجلترا بعد تصنيعهم بصورة مماثلة تماما لأشخاص نوبيين، وانتهت أعمال الإنشاء في عام ١٩٩٦م. وأصبح المتحف جاهزا للافتتاح.

وتم افتتاح متحف النوبة في الثالث والعشرين من نوفمبر العام ١٩٩٧م، وفي مساء نفس اليوم قدم الفنان محمد منير حفلاً فنيًا على المسرح المكشوف بالعرض الخارجي للمتحف، قدم من خلاله أغانيه النوبية الشهيرة.

ويُعد متحف النوبة بأسوان من أهم المتاحف المصرية؛ لأنه المتحف المفتوح الفريد من نوعه، ويؤدي المتحف النوبي دورًا حيويًا ليس فقط على مستوى تعريف العالم بتراث هذه المنطقة أو على مستوى الحفاظ على الآثار وعرضها العرض اللائق بها، ولكن أيضًا على مستوى تدعيم الأبحاث المختلفة التي يقوم بها الدارسون والباحثون من كافة أرجاء العالم عن منطقة النوبة، وذلك من خلال مركز الدراسات ومراكز التوثيق الموجودة بالمتحف، ونشر المزيد من المعلومات الخاصة بـ "أرض الذهب" في مصر الماضي والحاضر والمستقبل. ويأتي متحف النوبة ليخلد في جنباته وأركانه كل تاريخ وفنون النوبة من خلال التماثيل والمنحوتات والنقوش والمومياوات والأدوات واللوحات التذكارية وشواهد القبور والجداريات وخلافه من خلال سبع عشرة منطقة للعرض مرتبة زمنيًا، وتشمل: منطقة بلاد النوبة، والبيئة النوبية، ونشأة وادي النيل، وعصر ما قبل التاريخ، وحضارة العصر الحجري الحديث، وعصر الأهرامات، والعصر النوبي الوسيط، ومملكة كوش النوبية، والامتداد الحضاري المصري في النوبة، والأسرة ٢٥، ومملكة مروى، والعصر المتأخر، والنوبة المسيحية، والنوبة الإسلامية، ومنطقة الريّ، والحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة، وأخيرًا قسم التراث الشعبي.

ويحتوي المتحف في داخله على خمسة آلاف قطعة أثرية، تُمثل مراحل تطور الحضارة المصرية والتُراث النوبي، ويضم العرض الخارجي للمتحف ٦٨ قطعة فريدة من التماثيل الكبيرة واللوحات الأثرية مختلفة الأحجام. ومن أجمل وأندر تلك القطع المعروضة هيكل عظمي لإنسان عمره ٢٠٠ ألف سنة، عُثر عليه سنة ١٩٨٢م، في منطقة إدكوباتيه بأسوان. وحصل مبنى المتحف على جائزة أجمل مبنى معماري في العالم عام ٢٠٠١م.

للمزيد من الصور اضغط هنا

المصادر

موقع الهيئة العامة للاستعلامات.

جريدة الأهرام المصرية.