مدينة البعوث الإسلامية.. مدينة السفراء

مدينة البعوث الإسلامية.. مدينة السفراء
مدينة البعوث الإسلامية.. مدينة السفراء
مدينة البعوث الإسلامية.. مدينة السفراء
مدينة البعوث الإسلامية.. مدينة السفراء
مدينة البعوث الإسلامية.. مدينة السفراء
مدينة البعوث الإسلامية.. مدينة السفراء
مدينة البعوث الإسلامية.. مدينة السفراء

يمثل الأزهر الشريف الإسلام الوسطى المعتدل. يأتي إليه طلاب العلم الوافدين من شتى بقاع الأرض يشدون الرحال إليه لينهلوا من علومه، ويتزودوا بالفكر الإسلامي الصحيح، والقيم الإسلامية الصافية النقية من شوائب الغلو والتطرف، ويعودون إلى بلادهم وأوطانهم علماء يبلغون رسالة الإسلام صافية نقية كما زودهم بها الأزهر. 

لذلك يحرص الأزهر الشريف على توفير الإقامة لهؤلاء الطلبة في مدن البعوث الإسلامية وهي أحد قطاعات الأزهر، ومنذ إنشاء الأزهر وهو يولى العناية بالطلاب الوافدين حيث يعد أكبر وأهم مراكز جذب للطلبة من مختلف أنحاء العالم لتلقى العلم. 

و في حي الدراسة شرق العاصمة المصرية القاهرة بالقرب من مشيخة الأزهر وفي حديقة الخالدين، تقع مدينة الفندقة والسياحة المتكاملة، التي يوفرها الأزهر الشريف، لتكون قبلة لطلبة العلوم الإسلامية من دول العالم، راغبي الدراسة في رحاب جامعة الأزهر.

وتعود فكرة إنشاء مدينة البعوث الإسلامية إلى عهد الملك فاروق، عندما اقترح عليه شيخ الأزهر وقتها، بإنشاء مدينة تجمع طلاب الأزهر، حيث تزايد عدد الطلاب الوافدين ضاقت بهم أروقة الأزهر، الأمر الذي جعل إقامة مدينة للبعوث الإسلامية، أمرا لا مفر منه، فانهالت عليه التبرعات لإنشاء المدينة، ثم صدر الأمر الملكي رقم ٣٤ لسنة ١٩٥٢ في السادس من مايو العام ١٩٥٢م بإنشاء "مدينة فاروق الأول للبعوث الإسلامية" وتم تخصيص مبلغ ٢٠ ألف جنيه لإقامتها، وأسندت رئاستها الفخرية إلى الأمير محمد عبد المنعم.

وعقب ثورة يوليو ١٩٥٢م توقف المشروع، وما لبثت أن تجددت الفكرة مرة أخرى فصدر قرار من مجلس الوزراء في نوفمبر ١٩٥٤م بإنشاء مدينة جامعية لكل الطلبة الوافدين إلى الأزهر، وتم تخصيص قطعة أرض قريبة من الأزهر لإقامة المدينة عليها، ورصدت الحكومة لها ما تحتاجه من المال للبناء والأثاث، والإقامة، والتغذية، والإشراف.

 

استضافت المدينة عند افتتاحها حوالي خمسة آلاف طالب وطالبة، ويقيم الطلاب داخل المدينة الكبرى، أما الطالبات فيقمن في المدينة الصغرى المقابلة لها، وقد جاءوا وقتها من أربعين دولة، وتم البدء في تسكين الطلاب لأول مرة في الخامس عشر من سبتمبر العام ١٩٥٩م بعد أن افتتحها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر برفقة فضيلة الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر آنذاك.

وأكثر ما يشدّ الانتباه في المدينة، دقة النظام والهدوء ونظافة الشوارع، فضلاً عن اتساع المساحات الخضراء المليئة بالأشجار والورود، ليكتسب المكان مسحةً من الجمالية ويجعل المرء يحس بالراحة النفسية.

أقيمت المدينة على قطعة أرض مساحتها ١٢٦ ألف متر، منها ٤٢٠٠٠ متر، للحدائق والمنتزهات والطرقات، و٨٤٠٠٠ متر للمباني السكنية والمرافق، وتم بناء ٤٣ عمارة سكنية تتكون كل عمارة من ثلاثة طوابق، ومقسمة إلى قسمين؛ القسم الأول يتكون من ٣٥ عمارة للطلاب، والقسم الثاني من ٨ عمارات للطالبات ويفصل بينهما شارع رئيسي، هذا وتضم مدينة البعوث طلاب وطالبات من ١٠٥ دولة، دون أي فوارق أو تعصّب، إذ يجمعهم الدين الحنيف بما يحمله من معاني التسامح والتضامن.

وتضم الدينة نوادي اجتماعية يلتقي فيها الطلاب من وقت لآخر لقراءة الصحف اليومية والمجلات الصباحية والأسبوعية ومشاهدة البرامج التليفزيونية، كذلك تحتوي على المطاعم التي تقدم الوجبات الغذائية للطلاب الوافدين.

كما يوجد بالمدينة مسجد كبير مساحته أكثر من١٥٠٠ متر مربع، تقام به المحاضرات والندوات، وتعقد به مراكز تحفيظ القرآن الكريم وتجويده وترتيله كما تنظم المدينة أبحاثًا مكتبية بين بعض الطلاب، وندوات لقاءات في المناسبات الدينية والقومية يحضرها كبار العلماء من شيوخ الأزهر.

مكتبة تضم الكثير من نوادر الكتب الدينية، كما تضم مجموعات أخرى من الكتب الثقافية والاجتماعية والعلمية.

كما توفر المدينة لطلابها أنواعا أخرى من الخدمات حيث سمحت لبعض أصحاب الحرف التي يحتاج إليها الطلاب ولا يمكنهم الاستغناء عنها في فتح بعض المحلات مثل: الحلاقة والخياطة ومحلات لغسيل الملابس.

وتقوم المدينة باختيار أفضل طلابها المشهود لهم بالاستقامة والصلاح والتفوق العلمي في كل موسم للحج، لأداء فريضة الحج على نفقتها.

وفي العام١٩٦٧م أنشأت إدارة المدينة صندوق خدمة الطلاب الوافدين، يشترك فيه جميع الطلاب المقيدين وبمقتضى هذا الاشتراك يحق لأي طالب أو مقيم في المدينة الحصول على قرض من أموال الصندوق على أن يسدد على أقساط ميسرة، كذلك يمنح الصندوق إعانات للطلاب المحتاجين، كما يصرف من هذا الصندوق على بعض الاحتياجات الأخرى مثل الأنشطة الثقافية والاجتماعية.

 

وتسعى المدينة لتحقيق أهدافا غايتها توفير أسباب الراحة للطالب الوافد حتى يتفرغ لدراسته، وتوثيق الصلة وإذابة الفوارق بين أبناء الشعوب الإسلامية حيث تجمع بينهم وحدة العقيدة وأخوة الدين وإن اختلفت الألسنة وتباعدت الديار، ومقاومة التمييز العنصري الذي جعل من البشر سادة وعبيدا فالناس جميعا في نظر الإسلام سواء، لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى، وتعمل المدينة على تهيئة الاستقرار النفسي والرعاية الصحية للطالب الوافد في إطار من الرعاية الثقافية والاجتماعية والرياضية لاستقامة السلوك. بالإضافة لتسليح هؤلاء الطلاب بمختلف فروع العلوم الدينية ليعودوا إلى بلادهم دعاة وسفراء للإسلام. 

وحرصا من الرئيس عبد الفتاح السيسي على رعاية الطلاب الوافدين المتزايدة أعدادهم قرر تخصيص ١٧٠ فدانا بمدينة القاهرة الجديدة لإقامة مدينة البعوث الإسلامية الجديدة لتكون مدينة متكاملة لخدمة الطلاب الوافدين والتي سوف تستقبل أكثر من ٤٠ ألف طالب سنويا من الراغبين في الدراسة بالأزهر من جميع دول العالم.

وفى أبريل عام ٢٠١٦م، دشن شيخ الأزهر والملك سلمان بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية المرحلة الثانية من مدينة البعوث الإسلامية المصرية، بعد وضعه حجر الأساس للمرحلة الأولى للمدينة وذلك خلال زيارته للأزهر ومؤسساته.

وهناك فرع آخر بمدينة الإسكندرية لتوفير المسكن والمأكل للطلاب الوافدين المقيمين بها، وكذلك توفير الرعاية المعيشية والاجتماعية والثقافية والرياضية والطبية لهم، ويجري حاليا إنشاء مدينة ثالثة للبعوث بمحافظة قنا بصعيد مصر لزيادة أعداد الطلاب الوافدين المستفيدين من أنواع الرعاية المختلفة، فضلا عن إعادة تطوير بعض المباني بمدينة البعوث بالقاهرة، لزيادة سعتها، وتزويدها بمباني إضافية.

وهكذا يعد خريجو جامعة الأزهر وأبناء مدينة البعوث الإسلامية من مختلف الدول الإفريقية والعربية والإسلامية، من القوى الناعمة لمصر، جاءوا إلى بلد الأزهر طلابا للعلم‏، وعادوا إلى بلادهم مفتين وعلماء دين ووزراء ورؤساء حكومات لا تكاد تخلو منهم دولة، يحتفظون بحب شديد للأزهر الشريف معقل الإسلام الوسطى المعتدل ولمصر أرض الكنانة على ما قدماه لهم من علم وثقافة.