تقييم خطوة انتقال كريستيانو رونالدو إلى نادي النصر السعودي

تقييم خطوة انتقال كريستيانو رونالدو إلى نادي النصر السعودي
بقلم/ ياسر أبو معيلق


فيما يلي ملخص مقتضب جداً لاجتماع عبر الهاتف هدفه عرض تقييم لخطوة انتقال كريستيانو رونالدو إلى نادي النصر السعودي (كانت الصفقة غير مؤكدة بعد).
ملاحظة مهمة: لا أزعم أنني خبير كروي، ولا أعلم ما القيمة الرياضية التي سيجلبها رونالدو في سن السابعة والثلاثين إلى الدوري السعودي. التقييم كان براغماتياً "ماكيافيلياً" بحتاً.
والآن إلى الملخص:
* هل٢٠٠ مليون يورو سعر مناسب للاعب أيقوني مثل رونالدو؟
لا. رونالدو عمرياً ورياضياً لا يستحق هذا المبلغ (إن صح). لكن تقييمي هو أن هنالك عروض من أماكن أخرى له، وأراد السعوديون خلق فجوة كبيرة بينهم وبين المنافسين على استقطاب رونالدو، فعرضوا مبلغاً لا يمكن رفضه.
* هل القيمة المضافة من استقطاب رونالدو للسعودية تبرر المبلغ؟
على المدى القريب، لا. لأن قيمة الصفقة الفلكية ستؤثر سلباً على الصورة الذهنية للسعودية، وستعزز من نظرة الغرب للسعوديين كـ"دفتر شيكات متنقل"، وهي صورة عنصرية سادت في الثقافة العامة منذ عقود، وتمكنت السعودية مؤخراً من إحداث صدوع كبيرة فيها، من خلال التحول مما يسمى بـ"البذخ السلبي" إلى "البذخ المسؤول".
على المدى المتوسط والبعيد، نعم. قيمة الصفقة مبررة جداً، لأن جمهور الكرة يعبد الشخوص، وسيتبع نجومه حيثما ذهبوا وانتقلوا. كما أن الدعاية التي سيجلبها رونالدو للكرة السعودية، بالإضافة لعامل المفاجأة (الذي لم تستغله المملكة صورياً ودولياً على الإطلاق) في الانتصار على الأرجنتين خلال مونديال قطر، سيسلط العيون على الدوري السعودي، وقد يطلق موجة شراء لاعبين محترفين دوليين ومشاهير للانضمام إلى نواد سعودية أخرى.
أيضاً، فإن ذلك يساهم بشكل مباشر في بناء" إرث كروي" للمملكة، وتعزيز الثقافة الكروية (الموجودة أصلاً بقوة) هناك، من أجل استكمال متطلبات استضافة كأس العالم عام ٢٠٣٠ (والتي ستكون لحظة تتويج رؤية ٢٠٣٠، وستسعى المملكة للظفر بها بأي شكل) وتسويق المملكة بسفراء رياضيين مثل رونالدو وميسي وغيرهم.
* هل سيؤثر انضمام رونالدو إلى نادي النصر على سمعته؟
في المحصلة، نعم. كما أسلفت، ربما تعبد جماهير الكرة الشخوص، وهفوات اللاعبين مغفورة إذا ما حافظوا على أدائهم ولم ينحدروا انحداراً كبيراً. إلا أن انتقال رونالدو إلى دوري مغمور سيغيبه عن التغطية الإعلامية الرياضية الغربية بسبب انشغالها بالدوريات الكبرى والدراما المتولدة منها، وعنصريتها الكامنة تجاه كل ما هو غير غربي، كما شاهدنا في مونديال قطر. لكن أخبار رونالدو ستبقى على الطاولة بين الحين والآخر بسبب شعبيته الجارفة، وهذا وإن كان غير جيد له، فإنه سيكون إيجابياً للدوري السعودي.
* ميزان المخاطرة والربح للسعوديين؟
من يمشي بخطوات بطيئة لن يحقق نجاحات سريعة، ولكنه سيصل هدفه بأمان. أما من يثب وثباً سيصل هدفه بسرعة، ولكنه يجازف بإصابة تؤخره وتقعده. السعوديون يثبون في كل المجالات من أجل اللحاق بالآخرين وتخطيهم، حتى. لكنهم يجازفون بتحطيم ما بنوه ببطء وتمهل وثقة وأمان. لذلك، فإن مزيجاً من الخطى البطيئة الواثقة والوثب السريع المجازف عندما تكون الظروف مواتية هو الأفضل في كافة السيناريوهات.
الصورة التي يعمل السعوديون على بنائها تتفق مع روح العصر، وتسابق الزمن من أجل التقدم في كافة المجالات، ومزاحمة الأمم في مراكز القيادة. لهذا، فهم يبذلون من الأموال الكثير، ويرفعون المستوى التعليمي لبناتهم وأولادهم، ويعيدون تشكيل قيم مجتمعهم بسرعة لا يكاد المجتمع نفسه يواكبها. لكنهم يجازفون بخلق فجوة لدى بعض الطبقات التي لا تزال تريد التمسك بقيمها القديمة.
* ما الذي يحمله العام القادم؟
كريستيانو رونالدو في دعاية لمطاعم البيك؟؟ 
(حقوق الصورة: Marca)