الدكتور سعيد البطوطي يكتب: السياحة الفضية

الدكتور سعيد البطوطي يكتب: السياحة الفضية

وفقا للتغيرات الديموجرافية والمفهوم الناشئ لـ "الاقتصاد الفضي Silver Economy"،السياحة الفضية هي السياحة التي توفير التدريب اللازم لقطاع السياحة للاستفادة من الفرص التي يوجدها الاتجاه الديموجرافي، بتطوير المنتجات السياحية والخدمات المصممة خصيصا لتلبية الاحتياجات الحقيقية لكبار السن، وتدريب العناصر البشرية في إطار نهج متعدد التخصصات، مما يوفر رؤية شاملة تمكن من تطوير منتجات سياحية تنافسية ووضع كبار الجمهور في مركز العملية وتقديم الخدمات التي تولد لهم تجارب ناجحة.
تشمل السياحة الفضية العديد من الأنشطة الاقتصادية، مثل عمل وكالات السفر ومكاتب المعلومات السياحية والترفيه والنقل والتراث الثقافي والصحة والعافية وجميع الأنشطة التي تكمل نهجا متكاملا لسياحة كبار السن.
هذا الاتجاه له أيضا تأثير كبير على زيادة الطلب على السياحة بحيث يجب أن يواجه القطاع إعادة تحديد منتجاته وخدماته وأنشطته. وفقا لـ Eurostat، في عام ٢٠١٥ استحوذ السائحين الذين تتراوح أعمارهم بين ٥٥ و ٦٥ عاما على نسبة ١٥٫٣٪ من إجمالي سوق السياحة وشكل الأشخاص البالغون من العمر ٦٥ عاما أو أكثر ١٧٫٧٪ من الإجمالي.
لذلك، من المؤكد أن السياحة الفضية سوف تأخذ بُعدا ذي صلة في قطاع السياحة في جميع أنحاء العالم، حيث من المتوقع بحلول عام٢٠٥٠ سيشكل الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن ٦٠ عاما نسبة ٢٢٪ من سكان العالم - وهو سوق محتمل للسياحة يستهدف أكثر من ٢ مليار شخص.
تمتلك تلك الشريحة العمرية من المسافرين غالبا المال المطلوب للسفر، وتنفق حاليا حوالي ٣٠ مليار دولار سنويا على السفر والسياحة، ونسبة ٧٠٪ من ركاب السفن السياحية من تلك الشريحة، ومعدل إنفاقها خلال السفر أكثر بحوالي ٧٤٪ من الشريحة العمرية ١٨-٤٩ سنة.
تلك الشريحة العمرية أصبحت في مجتمعات عديدة أكثر اهتماما بالتعليم الذاتي والتعامل مع السياحة والترفيه على أنها الجائزة التي يستحقونها عن حياتهم العملية السابقة المليئة بالتضحيات الشخصية. كبار السن الجدد يسافرون عادة بشكل متكرر (في المتوسط ٤-٥ مرات في السنة) وغالبا يتحملون النفقات بشكل مريح، فقد وصلوا إلى مرحلة أن الأطفال أصبحوا غير معتمدين عليهم وتقريبا ليس عليهم ديون مالية بل لديهم أموال كافية لتمويل الاحتياجات.
إن كبار المسافرين يتغيرون ويتطورون ومن المرجح أن يصبحوا أحد أهم التحولات الاجتماعية لجميع قطاعات المجتمع، بما في ذلك أسواق العمل والأسواق المالية والإسكان والنقل، إلى جانب التغييرات في هيكل الأسرة والعلاقات بين الأجيال.
تولي تلك الفئة العمرية حاليا أهمية للنشاط البدني – والذي هو جزء أساسي من أنماط الحياة الصحية، ويعيش الناس لفترة أطول ويشعرون بصحة أفضل بكثير من الأجيال السابقة. يمتد النشاط البدني إلى ما هو أبعد من المشي والسباحة والغطس والغوص وصيد الأسماك والتزلج، ليشمل التمارين الرياضية ودروس اليوجا وصالات رياضية مجهزة بالكامل مع مدربين وكذا ركوب الخيل أو الرقص وتجارب الطهي .. الخ.
الواقع يقول أنه حاليا وفي صميم العديد من اتجاهات السفر، أثار المسافر الفضي اهتماما بالسياحة البيئية وسفر المغامرات والسياحة العلاجية والسفر متعدد الأجيال وعطلات الشغف والهوايات (الجمع بين الإجازة والشغف بالرسم وتعلم اللغة وجمع التحف وتناول الطعام والمشروبات ودروس الطبخ بالإضافة إلى الجوانب الروحية أثناء السفر). هذا التنوع في الاهتمامات يعني أن هناك العديد من الفرص لأسواق السفر المتخصصة لتقديم الخدمات لهذا السوق المستهدف.