سامح شكري: أربعة عقود من الدبلوماسية الهادئة والدفاع الصلب عن مصالح مصر

منذ توليه حقيبة الخارجية في عام 2014، في أعقاب تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم، برز اسم سامح شكري كواحد من أبرز وجوه الدبلوماسية المصرية، بخبرة تراكمت عبر أكثر من أربعة عقود من العمل في أروقة السياسة الخارجية، وسجل مشرف في الدفاع عن مكانة مصر الإقليمية والدولية.
ولد شكري في عام 1952، وتخرج في كلية الحقوق بجامعة عين شمس، لينضم إلى السلك الدبلوماسي عام 1976، حيث بدأ مسيرته كملحق دبلوماسي بوزارة الخارجية، قبل أن يتدرج في مناصب عديدة في سفارات مصر بالخارج ومواقع صنع القرار في الداخل. وفي كل موقع شغله، ترك بصمته كدبلوماسي من طراز رفيع، يمتلك أدوات التفاوض الهادئ، والقدرة على إدارة الملفات الشائكة بثبات واتزان.
تنوعت محطاته الدبلوماسية بين العواصم الكبرى والمنظمات الدولية. فقد عمل في لندن وبوينس آيرس، وتولى منصب مستشار ببعثة مصر الدائمة في نيويورك، ثم انتقل إلى مهام أكثر حساسية، كمدير إدارة شؤون الولايات المتحدة وكندا، وسكرتير رئيس الجمهورية للمعلومات والمتابعة.
في عام 1999، عُين سفيرًا لمصر لدى النمسا ومندوبها الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، حيث لعب دورًا محوريًا في تمثيل مصر داخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وترأس مجموعة الـ77 والصين، إلى جانب تمثيله لبلاده في منظمة الحظر الشامل للتجارب النووية. كما قاد الفريق المصري لمفاوضات معاهدة مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود في فيينا عام 2000.
ولعب شكري دورًا محوريًا في قضايا نزع السلاح، حيث ترأس اللجنة التحضيرية الثانية لمؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي، وتولى في 2006 تنسيق تحالف الأجندة الجديدة لمؤتمر نزع السلاح، ما عزز حضوره على الساحة الدولية كصوت هادئ لكن حاسم في قضايا الأمن العالمي.
ومن أبرز محطاته أيضًا تمثيله لمصر سفيرًا في واشنطن (2008-2012)، في فترة شهدت العديد من التحديات الإقليمية والدولية، وقد نجح خلالها في الحفاظ على قنوات الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، وعكس الموقف المصري بوضوح واتزان.
عاد إلى القاهرة ليتولى مناصب قيادية داخل الوزارة، حتى عُين وزيرًا للخارجية عام 2014. ومنذ ذلك الحين، قاد الدبلوماسية المصرية في مراحل دقيقة، من بينها جهود تثبيت الاستقرار الإقليمي، والدفاع عن ملف سد النهضة، والتنسيق مع القوى الكبرى، وتمثيل مصر في المحافل الدولية، حيث عُرف بقدرته على صياغة مواقف مصر بحرفية عالية، تجمع بين الصلابة والدبلوماسية الهادئة. سامح شكري متزوج وله ولدان، ولا يزال حتى اليوم مثالاً للدبلوماسي الذي صقلته الخبرات، وثبّت موقعه كأحد أبرز حراس المصالح الوطنية على الساحة الدولية.