المخرج محمد خان

المخرج  محمد خان
يعد المخرج الكبير «محمد خان» أحد أبرز مخرجي السينما الواقعية، بدأ مشواره السينمائي بفيلم «ضربة شمس» عام ١٩٧٨، أولى تجاربه الروائية الفيلمية، تلك البداية التي يصبو إلي أي مخرج في بداية مسيرته الفنية،، أظهر خان خلاله قدراته على رسم مسارات الكاميرا وبراعة تحريك الشخوص ومفاجأة المتلقي، جسّد أيضاً عشقه للقاهرة وشوارعها، ومزج فيه عصارة ما تعلمه وشاهده في السينما الأوربية، وما درسه في لندن، ومارسه كمساعد مخرج ببيروت في منتصف السبعينيات.

وكان «خان» شديد الاهتمام بقضايا المرأة، بل وانتصر لها حين قدّمها للجمهور علي أنها أصل الحدوتة وليس علي هامشها، ظهّر ذلك جليَّاً في العديد من أفلامه، من بينها «أحلام هند وكاميليا»، و«بنات وسط البلد» «فتاة المصنع» و«في شقة مصر الجديدة»، فعكس من خلالها طموحاتها وأحلامها ومخاوفها ومعاناتها وكذلك صمودها أمام المجتمع، وبذلك كانت أفلامه صوتاً قوياً جديداً للنساء يُعبّر عن قصصهن بنزاهة أكبر ويُكرّس لههن مساحة ربما حُرمن منها طويلاً.
كما قدَّم العبقري «محمد خان» العديد من الأفلام مكوناً تيار سينمائي جديد، جعلت من اسمه مدرسة مميزة ومختلفة عن مخرجين عصره، تاركة أثراً عميقاً في ذاكرة ونفوس كل مشاهدي أفلامه، والتي بلغت قرابة ثلاثين فيلماً خلال مسيرته الفنية، سلَّط «خان» من خلالها الضوء علي الشارع المصري بواقعية شديدة، فكان من بينها «الحريف»، و«موعد علي العشاء» و«خرج ولم يعد»، «زوجة رجل مهم»، والتي دخلت مؤخراً ضمن قائمة أفضل ١٠٠ في تاريخ السينما.
فلم يكن المخرج الكبير «محمد خان»، مخرجاً نمطياً، فقد كان شغفه الدائم بالطبقتين الوسطي والدنيا من المجتمع المصري مُحرّكه الأهم، واستطاع تناولهما بواقعية من خلال أفلامه أسوة بأستاذه الكبير صلاح أبوسيف فقدم لنا أفلاماً شدية الجاذية والاحترافية، من بينها «سوبر ماركت»، و«فارس المدينة» «مشوار عمر»،«طائر علي الطريق» وغيرها من أعماله التي كان ظل الحلم عنواناً لأبطالها ومحراً لأحداثها، بل وعمل «خان» ضد منطق السوق في الوقت الذي انتشرت فيه مايسمي بأفلام المقاولات، برَّع خان في تقديم سينما متميزة وهادفة حصدت العديد من الجوائز، واستطاعت أيضاً أن تقدم أرباحاً.

وُلد «خان» لأب باكستاني وأم مصرية في ٢٦ أكتوبر ١٩٤٢ بحي السكاكيني بالقاهرة، درس الهندسة ثم إنتقل انجلترا لاستكمال دراسته غير أنه تركها وإلتحق بمعهد السينما والذي تعرف من خلاله عن قرب علي الآلات والتقنيات المستخدمة فنياً، فضلاً عن متابعته لإصدارات السينما العالمية في الستينات من القرن الماضي من خلال الأفلام الفرنسية والتيكية والهولندية في ذلك الوقت بالاضافة إلي ولَّعه بمتابعة المجلات ومدارس النقد السينمائي مثل «كراسات السينما الفرنسية» وغيرها، والتي شكلت مسيرة محمد خان الحقيقية،، وعاش كذلك حالماً بالجنسية المصرية، حتي حصل عليها عام ٢٠١٤ بقرار رئاسي من الرئيس المصري السابق عدلي منصور، وتوفي بعدها «خان» في ٢٦يوليو ٢٠١٦، عن عمر يناهز ثلاثة وسبعون عاماً.