على الرغم من أن تطوير التكنولوجية النووية الإندماجية لاستخدمات مدنية بقدرات ضخمة لن يحدث على الأقل خلال النصف الأول من هذا القرن، إلا أن هناك تطور كبير من المنتظر أن يحدث خلال العام ٢٠٢٣، عنما يبدأ أول مفاعل نووي اندماجي تجريبي في العالم International Thermonuclear Experimental Reactor (المعروف اختصاراً بـ ITER ) في انتاج قدر ضئيل جداً من الطاقة ولمدة ثواني معدودة، وهو ما يعد بمثابة النواة الأولى في مسار تطوير التكنولوجية النووية
الحرارية.
مشروع إيتير ITER، هو أول مشروع في العالم لانتاج طاقة بنفس المبدأ الذي تعمل به الشمس والنجوم، ومن المتوقع أن يبدأ المفاعل في انتاج الطاقة بحلول عام ٢٠٢٨.
و"إيتير" عبارة عن جهاز مغناطيسي عملاق، ومفاعل نووي من نوع توكاماك، حيث يٌحتفظ بالوقود النووي (بلازما من نظيرين ثقيلين للهيدروجين هما: الديوتيريوم، والتريتيوم) في وعاء على شكل دونات يتمركزها قوة جذب مغناطيسية عملاقة، ويتم فيها تسخين الوقود النووي عبر حاقنات أشعة متعددة وموجات كهرومغناطيسية بترددات راديوية حتى تصل درجة حرارة البلازما إلى ما يصل ١٥٠ مليون درجة، وفي نفس الوقت تقوم عشرة آلاف طن من المغناطيسات فائقة التوصيل بتوليد مجال مغناطيسي تبلغ شدته ٢٠٠ ألف مرة شدة المجال المغناطيسي الأرضي لاحتواء البلازما وتشكيلها ودمج ذرات نظائر الهيدروجين، مع بطانة تصل وزنها إلى ٤ أطنان تقوم بحماية قلب المفاعل من الانصهار، مع أرضية من بلاط التنجستين تقوم بسحب الحرارة والغازات بعيداً عن قلب المفاعل، كل ذلك يحيط به ثلاجة ضخمة لحماية المغناطيسات فائقة التوصيل وغيرها من المعدات من الحرارة العالية.
المشكلة الرئيسية التي لازالت تواجه العلماء أن البلازمة لا تستقر أكثر من خمس ثواني حتى تبدأ في التفتت وينتهي التفاعل الاندماجي، لذلك يهدف المشروع بشكل أساسي إلى زيادة المدة التي تستقر فيها البلازمة تدريجياً حتى تصل إلى حالة ثبات واستقرار كامل تصلح معها للاستخدام الصناعي.
ومن المخطط أن يبدأ مفاعل إيتير في إنتاج عشرة أضعاف الطاقة المستخدمة في تشغيله لبضع ثوان كمرحلة أولية، ثم لمدة تتراوح ما بين ٣٠٠ إلى ٥٠٠ ثانية، والعمل على مدى العقد التالي على تحقيق طاقة مخرجة تبلغ ٣٠ ضعف الطاقة المدخلة، وذلك لمدة تستمر ساعة تقريبًا. في نهاية المطاف يتم الوصول إلى الهدف النهائي المتمثل في تطوير بلازما ثابتة ومستقرة، مما يؤدي إلى توليد الطاقة عن طريق الاندماج النووي الحراري على نطاق صناعي.