المستشار محمود فوزي... عقل قانوني يرافق الدولة في محطاتها

يُعد المستشار محمود فوزي أحد أبرز العقول القانونية في مصر خلال العقدين الأخيرين، لما يتمتع به من تجربة واسعة ومكانة مرموقة في مجالات القضاء، والتشريع، والإعلام، والسياسة. فمنذ تخرجه من كلية الحقوق قبل أكثر من 22 عامًا، شغل فوزي مناصب حساسة ومؤثرة داخل الدولة، ورافقها في محطات مصيرية تشريعيًا ودستوريًا.
وتخرج من كلية الحقوق عام 2000 وكان ضمن أوائل دفعته، ثم حصل على ماجستير في القانون الخاص والعام، وأعقبه بماجستير دولي في القانون المقارن من جامعة إنديانا الأمريكية عام 2009، مما أتاح له مزج التعليم القانوني المصري بالتجربة العالمية.
بدأ فوزي مسيرته في مجلس الدولة، متدرجًا في العمل بجميع أقسامه القضائية والتشريعية والاستشارية والتفتيش القضائي، حتى أصبح نائبًا لرئيس المجلس. وإلى جانب عمله القضائي، تولّى مهام المستشار القانوني لعدد من الوزراء، من الاستثمار إلى التعاون الدولي، ومن التجارة والصناعة إلى المالية والعدالة الانتقالية، كما كان مستشارًا لمجلس النواب في فترات دقيقة.
بلغت ثقة الدولة في كفاءة فوزي ذروتها حين عُيّن أمينًا عامًا لمجلس النواب (2019–2021)، بعد أن شغل منصب المستشار القانوني لرئيس المجلس منذ عام 2016. كما أسهم بدور بارز في إعداد اللائحة الداخلية للمجلس، وشارك في قيادة عدد من لجانه المؤثرة كالقيم والدستورية، وأدار الوحدة البحثية لدعم لجنة مكافحة الإرهاب بالاتحاد البرلماني الدولي، مختصًا في قضايا التطرف.
بعد خروجه من البرلمان، تولّى المستشار محمود فوزي منصب الأمين العام للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام (2021–2023)، ثم اختير رئيسًا للأمانة الفنية للحوار الوطني وعضوًا بمجلس أمنائه، في واحدة من أخطر الفترات التي شهدت حوارات مجتمعية وسياسية واسعة بمصر.
في 2023، استقال فوزي طوعًا من مناصبه القضائية والتنظيمية ليتفرغ لإدارة الحملة الانتخابية للرئيس عبد الفتاح السيسي، فشغل منصب رئيس الحملة والمستشار القانوني لها، والمتحدث الرسمي باسمها، ليؤكد موقعه المحوري في المشهد السياسي المصري. وفي 2024، تم تعيينه عضوًا بمجلس أمناء الأكاديمية الوطنية للتدريب.
لم تكن بصمة فوزي حاضرة فقط في المؤسسات، بل كانت واضحة في صياغة الدستور والقوانين؛ فقد كان عضوًا بالأمانة الفنية للجنة العشرة التي أعدّت مشروع دستور 2014، كما شارك في مناقشة التعديلات الدستورية عام 2019. وانضم إلى لجان صياغة قوانين مباشرة الحقوق السياسية والانتخابات وتقسيم الدوائر، وكان متحدثًا رسميًا باسمها.
يحمل فوزي خبرة معتبرة في مجال التحكيم الدولي، فهو مدرج ضمن قائمة المحكّمين الدوليين في مركز تسوية منازعات الاستثمار (ICSID) التابع للبنك الدولي، ومارس التحكيم في قضايا تجارية كبرى. كما رأس الأمانة الفنية للجنة العليا للشراكة بين القطاعين العام والخاص، مع مساهمات في ملفات الاستثمار الحيوية.
شارك فوزي في تمثيل مصر بعدد من المحافل الدولية، أبرزها مؤتمرات الاتحاد البرلماني الدولي، وفعاليات مكافحة الإرهاب في جنيف وبلجراد. كما ترأس وفودًا برلمانية عليا في لقاءات إقليمية مهمة، ما منحه حضورًا دوليًا يعكس حجم الثقة الممنوحة له.
بهذا المسار المتنوع والممتد، يظل المستشار محمود فوزي نموذجًا للعقل القانوني الذي يجمع بين الدقة والهدوء، وبين الحضور المؤثر والعمل في الظل. فقد رافق الدولة المصرية في محطات فارقة، وترك بصمات واضحة في ملفات التشريع والإعلام والسياسة، مؤكّدًا أن الكفاءة والتجرد هما أساس الثقة والاستمرار.