دمياط حيث التقاء البحر بالنهر
على مساحة قدرها ١٠٢٩ كيلو متر مربع شمال شرق الدلتا يخترقها نهر النيل ويحدها من الشرق محافظة بورسعيد ومن الغرب والجنوب محافظة الدقهلية ومن الشمال البحر المتوسط، تقع واحد من أهم المحافظات في مصر القديمة والحديثة إنها محافظة دمياط ودمياط تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، فتاريخها يرجع إلى العصر الفرعوني حيث سماها الفراعنة «تامحيت» أو «تم _ اتى» أي: بلد الشمال المصرية القديمة باسم (دمطيو) بمعنى (سكان الميناء)، وفى العصرين اليوناني والروماني سميت «تامياتس» وفى العصر القبطي سميت «تاميات» ومعناها في اللغة المصرية القديمة: الأرض التي تنبت الكتان.
أما في الفتح الإسلامي وفي سنة ٦٤٢ميلادية قام المقداد بن الأسود من قبل جيوش عمرو بن العاص بفتح دمياط حيث سيطر العرب علي منافذ النيل علي البحر المتوسط وقد ظلت دمياط بيد المسلمين إلى أن نزل عليها الروم في سنة ٩٠ من الهجرة.
وفي سنة ٢٣٨ هجرياً في عهد الخليفة العباسي أبو الفضل جعفر المتوكل على الله قام الروم بغزو بحري مفاجئ من جهة دمياط إذ بعثوا بثلاثمائة مركب وخمسة آلاف جندي إلى دمياط وقتلوا من أهلها خلقًا كثيرًا وحرقوا المسجد الجامع والمنبر وأسروا نحو ستمائة امرأة مسلمة وأخذوا كثيرًا من المال والسلاح والعتاد وفر الناس أمامهم وتمكن الجنود الرومان من العودة إلى بلادهم منتصرين.
أثناء الحملات الصليبة سنة ١١٧٠ميلادية دخلت الفرنجة دمياط حاصروا المدينة براً وبحراً و أرسل صلاح الدين الأيوبي إليها الجند عن طريق النيل و أمدهم بالسلاح و الذخيرة و المال و لما بلغ صلاح الدين قصد الإفرنج دمياط استعد لهم بتجهيز الرجال و جمع الآلات إليها و وعدهم بالإمداد بالرجال إن نزلوا عليهم و بالغ في العطايا والهبات وكان وزيرا متحكما لا يرد أمره في شيء ثم نزل الإفرنج عليها و اشتد زحفهم و قتالهم عليها و هو يشن عليهم الغارات من الخارج و العسكر يقاتلهم من الداخل فانتصر عليهم فرحلوا عنها خائبين فأحرقت مناجيقهم ونهبت آلاتهم و قتل من رجالهم عدد كبير كما خرج نور الدين من دمشق لقتال الصليبين الذين اضطروا للرحيل بعد أن غرق لهم عدد من المراكب و تفشي بينهم المرض و بعد ذلك رحلت الفرنجة إلي بلادهم ودخل الملك الكامل دمياط و أرسلت البشائر بتحرير دمياط إلي جميع الدول الإسلامية.
وفى ٤ يونية سنة ١٢٤٩ ميلادياً عاد الصليبيون مرة أخرى غزو مصر عن طريق دمياط على رأس حملة بقيادة لويس التاسع مللك فرنسا وصلت الى شواطئ دمياط وكان شعب دمياط أروع الأمثلة للبطولة والتضحية في مقاومة الحملة الصليبية حتى توالت الهزائم على جيوش الفرنجة من هزيمتهم في فارسكور إلى هزيمتهم في المنصورة وأسر لويس التاسع ملك فرنسا وتم سجنه في دار بن لقمان بالمنصورة وفدي نفسه ورجاله بمبلغ ٤٠٠ ألف جنيه مقابل الجلاء عن دمياط ولقد تم الجلاء في يوم٨ مايو ١٢٥٠ ميلاديا وأصبح هذا اليوم عيداً قومياً للمحافظة.
وكانت دمياط في عهد محمد علي كانت المستودع الكبير للأصناف مثل الأرز وأنشئت بها الترع والجسور كما أنشئ بها مصنع الغزل والنسيج.
وفي القرن العشرين كانت دمياط تسير في موكب الحضارة الحديثة نتيجة لزيادة المساحات المزروعة قطن تم حفر الرياح التوفيقي كما كان لتوقف التجارة وتعطيل الملاحة نتيجة نشوب الحرب العالمية الأولي وانقطاع الموارد من الأثاث والأحذية الأوربية الى أن نشطت مصانع دمياط اليدوية وأتقنت صناعتها ودخلت دمياط عداد المديريات عام ١٩٤٥م، وأصبحت مديرية مستقلة وبعد قيام ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢م، صدر القرار الجمهوري رقم ١٧٥٥ من الرئيس جمال عبدالناصر بأن تكون دمياط محافظة وذلك عام ١٩٦٠م.
تضم محافظة دمياط عدة مراكز إدارية:
مركز دمياط
يضم مدينة دمياط: وهي عاصمة المحافظة وتعد من المدن القديمة التي يعود تاريخها للعصر الفرعوني وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل «فرع دمياط» وتبعد دمياط عن القاهرة ١٩١ كيلو متراً بالسيارة.
مدينة رأس البر: وهي جزيرة على شكل مثلث وتقع على النيل وتمتاز بالهواء النقي الجاف المحمل باليود ولها شهرة كبيرة في الاصطياف والسياحة وتبعد عن القاهرة ٢٠٤ كيلو متر بالسيارة.
مدينة عزبة البرج: سُميت بهذا الاسم لوجود برج بها والذي أنشئ عند مدخل بوغاز دمياط عام ١٢١٥م، في عهد الملك الكامل وتقع المدينة في شمال مدينة دمياط بحوالي ١٥ كيلو متراً على الضفة الشرقية لنهر النيل عند مصبه بالبحر المتوسط.
ويضم مركز دمياط العديد من القري منها: الخياطة والشعراء، والعنانية، والسنانية، وعزبة النهضة، وغيط النصارى، والشيخ درغام، والبصارطة، والسيالة.
مركز ومدينة فارسكور
في عام ١٨٤٠م أنشئ قسم فارسكور وفى عام ١٨٧٠م تحول إلى مركز ويضم مدينتين هما:
مدينة فارسكور: وهي من المدن القديمة واسمها يتكون من كلمتين «فارس _ كور» أي: فارس المدينة وتقع فارسكور على الضفة الشرقية لنهر النيل جنوب دمياط بحوالي ١٥ كيلو متراً.
مدينة الروضة: كانت تُعرف باسم «كربة الحاجة» ثم سميت بالروضة نظرا للطبيعة الخضراء التي حولها وفى عام ١٩٩٠م تحولت إلى مدينة.
يضم مركز فارسكور عدة قري منها: شرباص، والرحامنة، والعبيدية، والبراشية، والغوابين، والغنيمية، والضهرة، وكفرالعرب، والناصرية، وتفتيش، والسرو، وكرم، وزروق، والعطوى.
مركز ومدينة الزرقا
يضم هذا المركزمدينة الزرقا: سُميت بهذا الاسم لوجود دوامة في نهر النيل تبدو زرقاء للناظرين وفى شهر مارس عام ١٩٧٥م، صدر القرار الجمهوري رقم ٢٩٥بتحويلها إلى مدينة وهي تقع في جنوب المحافظة.
مدينة السرو: ومعناها الأرض المرتفعة، وفى عام ١٩٩٠م، تحولت إلى مدينة وتقع في الجزء الجنوبي للمحافظة وتتخذ شكل نصف دائرة على النيل.
ويضم المركز عدة قري منها: ميت الخولى عبدالله، وشرمساح، ودقهلة، وسيف الدين، وكفر الميسرة، والكاشف الجديدة.
مركز ومدينة كفر سعد
يضم هذا المركز مدينة كفر سعد: والتي أنشئت عام ١٩٦٠م، ويحدها من الشمال قرية الرياض ومن الجنوب كفر سعد البلد ومن الشرق ترعة البلامون ومن الغرب المحمودية.
مدينة كفر البطيخ: سميت بهذا الاسم لشهرتها الواسعة في زراعة البطيخ وتعد بوابة دمياط الكبرى.
مدينة ميت أبو غالب: عرفت قديماً بمنية غالب لأنها كانت المرسى للمراكب الشراعية التي تجوب نهر النيل وتبعد عن دمياط ٢٥ كيلو متراً وعن كفر سعد ١٥ كيلو متراً.
هذا بالإضافة إلى عدة قري منها: كفر سعد البلد، وكفور الغاب، وكفر الوسطاني، والمحمدية، والركابية، وكفر سليمان البحري، والسوالم، والرياض، والبساتين، وكفر شحاته، وكفر المنازلة، وأم الرضا، وميت أبو غالب، وأم الرزق، والعباسية.
وفي عام ١٩٨٠م، صدر قرار مجلس الوزراء رقم ٥٤٦ باعتبار ميناء ومدينة دمياط الجديدة مجتمعا عمرانيا جديدا وهي تقع شمال غرب المحافظة على ساحل البحر المتوسط وتبعد عن دمياط ١٤ كيلو متر وعن رأس البر ١٤ كيلو متر أيضا.
تشتهر دمياط بصناعة الأثاث والحلويات والمنسوجات ومنتجات الألبان والسفن وصيد الأسماك والأحذية وتوجد بها أكثر من منطقة صناعية هذا بالإضافة إلى الزراعة حيث تتميز دمياط بوجود مزارع متعددة مثل مزارع الجوافة والنخيل والتي بدورها تجذب انتباه السياح فهي تغطي مساحة كبيرة تمتد من الشرق إلى الغرب ويقصدها عشاق السياحة والاصطياف فالجنوب الغربي يضم العديد من الحدائق الرائعة والبساتين أيضا لديها شواطئ طويلة تطل على البحر الأبيض المتوسط أشهرها مصيف رأس البر والذي يقع على شكل مثلث رأسه تقع في منطقة اللسان الشهيرة حيث التقاء البحر الأبيض المتوسط ونهر النيل، ويتميز بوجود ما يقرب من ١١ سوقا عموميا أشهرها سوق ٣٣ ،٦٣،٨٩ ،١٠١، وسوق مدينة العرائس والسوق العمومي، بخلاف شارع النيل الشهير وهو عبارة عن عدد كبير من المحال التجارية، ويضم المصيف العديد من المطاعم والمقاهي والمحال التجارية.
وتضم محافظة دمياط مجموعة من المساجد والآثار المتنوعة ومنها: مسجد عمرو بن العاص والذي يعد من أشهر وأقدم مساجد دمياط ويطلق عليه «مسجد الفتح» نسبة إلى الفتح العربي وقد تم بناؤه في عام ٦٤٢ ميلادياً على طراز جامع عمرو بن العاص بالفسطاط بمصر القديمة وبه كتابات كوفية وأعمدة يعود تاريخها إلى العصر الروماني ويتكون المسجد من قبة في وسطه وتحيط به (٤) إيوانات ويوجد بالجهة الغربية المدخل الرئيسي للمسجد ويبرز عن جدرانه وبالقرب من الباب توجد قاعة المئذنة المربعة التي تهدمت إثر زلزال حدث في العصور القديمة.
حينما استولي «جان دي برين» على دمياط ١٢١٩ميلادياً قام بتحويل المسجد إلى كنيسة ولما خرج الصليبيون من دمياط عام ١٢٢١ ميلادياً عاد المسجد إلى سيرته الأولى وفي عام ١٢٤٩ ميلادياً حينما دخل لويس التاسع دمياط جعل المسجد كاتدرائية وأقام بها حفلات دينية عظيمة وكان يحضرها نائب البابا.. ومنها تعميد الطفل الذي ولدته زوجة لويس التاسع واسمه “يوحنا” ولقبته “أثريستان” أي: الحزين.. نظراً لما صاحب ولادته من أهوال الحرب.
مسجد أبو المعاطي
يجاور مسجد عمرو بن العاص وقد بنى هذا المسجد فاتح الأسمر التكروري (أبو المعاطي) الذي وفد من المغرب.
مسجد المعيني
شيده محمد معين الدين «أحد تجار دمياط» في عام ٨١٠ هـ - ١٣١٠م في زمن الناصر قلاوون ويمتاز هذا المسجد بضخامة البناء وارتفاع الجدران والمئذنة ويتكون من (٤) إيوانات أكبرهما إيوان القبلة وجميع الأسقف محلاة بزخارف بديعة.
ضريح جمال الدين شيحة
هو مقام صغير على مقربة من ضريح أبوالمعاطي وبه الأسلحة الأثرية من رماح وأغماد من الجلد ويقال أنها أسلحته التي كان يحارب بها الصليبين في دمياط.. ويقال: أن السلطان الظاهر بيبرس هو الذي حضر وفاة جمال الدين أثناء مرضه بدمياط وجهز وبنى له هذا المقام في القرن السابع الهجري.
مسجد البحر
يقع علي الضفة الشرقية للنيل وتم تجديده للمرة الأولى في عام١٠٠٩هجرياً في عهد الحكم العثماني وبنى علي مساحة ١٢٠٠ كم٢ علي الطراز الأندلسي ثم أعيد بناؤه للمرة الثانية في عام ١٩٦٧ ميلادياً وهو مُزين بأروع النقوش الإسلامية وله (٥) قباب ومئذنتان وملحق به مكتبة ثقافية ودينية وأعيد ترميمه في عام ١٩٩٧م..
مسجد وضريح شطا
من أقدم المزارات الدينية الموجود بعزبة شطا التي كانت تعرف في العصر الروماني بساتا ثم سُميت شطا نسبة إلى الشيخ شطا الذي أستشهد بيد الهاموك عام ٦٤٢٠ ميلادياً في الموقعة التي دارت حول تنيس وقت الفتح العربي.
زاوية الرضوانية
من أقدم المساجد الأثرية الإسلامية فتاريخها يعود إلى ما قبل١٠٣٩هجرياً.. كما توجد قبة الأنصارى التي ترجع إلى العصر العثماني وهي مقامة على حجرة مرتفعة متبقية من زاوية الأنصار بمدينة فارسكور وتحتوي على مقصورة من الخشب المطعم المخروط.
قبة الدياسطي
توجد فى فارسكور مضلعة الشكل مقامة على حجرة مرتفعة وترجع إلى العصر العثماني وفى عزبة البرج توجد طابية عرابي التي شُيدت في القرن الثامن عشر وتمثل قلعة حربية من سلسلة التحصينات الحربية التي أُقيمت لحماية مصر من الغزو البحري وتتكون من سور وأبراج للمراقبة والدفاع وبعض الثكنات للجنود بالإضافة لمسجد صغير.
تل البراشية
يوجد في جنوب شرق مدينة فارسكور وقد تم العثور على حمام روماني به خزان سفلي لتخزين المياه كما تم العثور على منطقة سكنية ملاصقة لهذا الحمام مما يؤكد أن هذه المنطقة كانت عامرة كما تم أيضاً الكشف عن مقبرة ذات طابع غريب ترجع إلى العصرين الروماني والقبطي.
منطقة تل الدير
تقع في جنوب مدينة دمياط الجديدة وقد تم العثور على توابيت وأيقونات من العصر الروماني بجانب تل الدير وأصبحت المنطقة تتبع هيئة الآثار.
كما تضم محافظة دمياط مجموعة من الكنائس ومنها كنيسة ماري جرجس التي يرجع تاريخ إنشائها إلى عام ١٦٥٠ميلادياً وكانت تسمى سوق اللبن القديم وبها عظام القديس ماري جرجس مزاحم الذي أستشهد في القرن التاسع الميلادي وأيضاً كنيسة السيدة العذراء التي يرجع تاريخها إلى عام ١٧٤٥ميلادياً وكانت ملكاً للموارنة التابعين لروما وعُرفت وقتئذ بكنيسة البارجة وبانقراض العائلات الكاثوليكية من دمياط آلت الكنيسة إلى الأقباط الأرثوذكس ويوجد بها جسد القديس ماري سيدهم بشاي والذي أستشهد في هذه البقعة.
منطقة الجربى التي تشتهر منذ القدم بتلالها الرملية الجافة التي تفيد في علاج الروماتيزم عن طريق الدفن حيث تحتوي على مادة الثوريوم المستخدمة في علاج أمراض الروماتيزم.
للمزيد من الصور اضغط هنا
المصادر
جريدة الأهرام
موقع ديوان العرب
موقع جريدة صوت الامة