الخديوي محمد توفيق

الخديوي محمد توفيق

أَكْبَرُ أَنْجَالِ الخِدِيوي إِسْمَاعِيلَ، وَالِدَتُهُ هِيَ شَفَقُ نُورِ هَانِمَ إِحْدَى (مُحَاظِي) القَصْرِ.

وُلِدَ فِي اليَوْمِ العِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ إِبْرِيلَ عَامَ ١٨٥٢م بِالقَاهِرَةِ، وَتَرَبَّى بِهَا. وَعِنْدَمَا بَلَغَ التَّاسِعَةَ مِنْ عُمْرِهِ، أَدْخَلَهُ وَالِدُهُ مَدْرَسَةَ المَنِيلِ، ثُمَّ المَدْرَسَةَ التَّجْهِيزِيَّةَ. تَوَلَّى العَدِيدَ مِنَ المَنَاصِبِ، مِثْلَ رِئَاسَةِ المَجْلِسِ الخُصُوصِيِّ (مَجْلِسِ الوُزَرَاءِ) وَنَظَارَةِ الدَّاخِلِيَّةِ وَنَظَارَةِ الأَشْغَالِ.

شَكّلَ وِزَارَتَهُ الأُولَى فِي عَهْدِ وَالِدِهِ فِي العَاشِرِ مِنْ مَارِسَ ١٨٧٩م، وَكَانَتْ تَضُمُّ وَزِيرَيْنِ أُورُوبِّيَّيْنِ، وَلَمْ تَدُمْ طَوِيلًا، فَقَدِ احْتَدَمَ الخِلَافُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَجْلِسِ شُورَى النُّوَّابِ، وَاسْتَهْدَفَتْ لِحَرَكَةِ مُعَارَضَةٍ انْتَهَتْ بِسُقُوطِهَا وَتَأْلِيفِ وِزَارَةِ مُحَمَّدِ شَرِيفٍ الأُولَى.

وَعِنْدَمَا تَوَلَّى الخِدِيوي تَوْفِيقٌ الحُكْمَ خَلَفًا لِوَالِدِهِ، اسْتَقَالَتْ نَظَارَةُ شَرِيفٍ الأُولَى فِي السَّابِعِ مِنْ إِبْرِيلَ ١٨٧٩م، وَلَكِنَّ الخِدِيوِيَّ طَلَبَ مِنْهُ تَأْلِيفَ نَظَارَةٍ جَدِيدَةٍ، فَأَلَّفَهَا فِي الخَامِسِ مِنْ يُولِيُه ١٨٧٩م، وَلَكِنَّهُ اشْتَرَطَ عَلَى الخِدِيويِّ أَنْ تَحْكُمَ وِزَارَتُهُ بِمُقْتَضَى دُسْتُورٍ جَدِيدٍ، وَحِينَمَا قَدَّمَ شَرِيفٌ مَلَامِحَ الدُّسْتُورِ الجَدِيدِ مُشْتَمِلًا عَلَى وُجُودِ مَجْلِسٍ لِلنُّوَّابِ، يَكُونُ لَهُ الرِّقَابَةُ عَلَى إِدَارَةِ الدَّوْلَةِ، رَفَضَ الخِدِيوِيُّ تَوْفِيقٌ ذَلِكَ، مِمَّا أَدَّى إِلَى اسْتِقَالَةِ شَرِيفِ بَاشَا. وَرَأَسَ وِزَارَتَهُ الثَّانِيَةَ فِي ١٨ أَغُسْطُسَ ١٨٧٩م، وَلَمْ تَسْتَمِرَّ طَوِيلًا بِسَبَبِ التَّدَخُّلِ الأُورُوبِّيِّ.

أَوَّلُ مَنْ تَنَازَلَ مِنْ أَفْرَادِ الأُسْرَةِ المَالِكَةِ عَنْ أَطْيَانِهِ، لِدَفْعِ الدَّيْنِ المَطْلُوبِ مِنَ الحُكُومَةِ 

كَانَ مُهْتَمًّا بِنَشْرِ التَّعْلِيمِ مُنْذُ كَانَ وَلِيًّا لِلْعَهْدِ، فَأَنْشَأَ مَدْرَسَةَ القُبَّةِ عَلَى نَفَقَتِهِ الخَاصَّةِ. وَعِنْدَمَا تَوَلَّى الحُكْمَ أَصْدَرَ مَرْسُومًا فِي ٢٧ مَايُو ١٨٨٠م، بِتَأْلِيفِ لَجْنَةٍ لِلْبَحْثِ فِي تَنْظِيمِ التَّعْلِيمِ وَشُئُونِهِ، وَاقْتَرَحَتِ اللَّجْنَةُ تَأْسِيسَ مَدْرَسَةٍ عُلْيَا لِلْمُعَلِّمِينَ لِتَخْرِيجِ أَسَاتِذَةٍ، كَمَا اقْتَرَحَتْ زِيَادَةَ عَدَدِ المَدَارِسِ، فَأَنْشَأَتْ كَثِيرًا مِنْ مَعَاهِدِ التَّعْلِيمِ الِابْتِدَائِيَّةِ وَالثَّانَوِيَّةِ وَالعَالِيَةِ، وَقَدِ افْتُتِحَتِ المَدْرَسَةُ العُلْيَا لِلْمُعَلِّمِينَ فِي عَهْدِهِ، وَأُنشِئَتْ مَدْرَسَةٌ مَسَائِيَّةٌ لِلتَّعْلِيمِ. وَأَنْشَأَتِ الحُكُومَةُ المَجْلِسَ الأَعْلَى لِلْمَعَارِفِ فِي ٢٨ مَارِسَ ١٨٨١م.

أُنشِئَ فِي عَهْدِهِ مَجْلِسُ شُورَى القَوَانِينِ وَالجَمْعِيَّةُ العُمُومِيَّةُ، وَمَجَالِسُ المُدِيرِيَّاتِ عَامَ ١٨٨٣م.

أَصْدَرَ لَائِحَةَ المُوَظَّفِينَ المَدَنِيِّينَ الَّتِي تَضْمَنُ لَهُمْ حُقُوقَهُمْ فِي المَعَاشِ، وَأَرْدَفَهَا بِلَائِحَتَيِ المَعَاشَاتِ المَلَكِيَّةِ وَالعَسْكَرِيَّةِ.

أَلْغَى السُّخْرَةَ، وَأَمَرَ بِإِصْلَاحِ المَسَاجِدِ وَالأَوْقَافِ الخَيْرِيَّةِ.

اسْتَدَانَ بِمَبْلَغِ مِلْيُونِ جُنَيْهٍ لِإِصْلَاحِ القَنَاطِرِ الخَيْرِيَّةِ. وَبَدَأَ بِحَفْرِ الرِّيَاحِ التَّوْفِيقِيِّ فِي أَوَائِلِ عَامِ ١٨٨٧م، وَانْتَهَى العَمَلُ فِيهِ عَامَ ١٨٨٨م، كَمَا وَضَعَ أَسَاسَ قَنْطَرَةِ فَمِ الرِّيَاحِ فِي عَامِ ١٨٨٧م، وَانْتَهَى العَمَلُ فِيهَا عَامَ ١٨٩٠م.

أَدْرَكَتْهُ المَنِيَّةُ فِي السَّابِعِ مِنْ يَنَايِرَ ١٨٩٢م