المركزالثقافي المصري بموریتانیا

المركزالثقافي المصري بموریتانیا
 هو أقدم المراكز المصریة والعربية فى موريتانيا علي الإطلاق، وتعود قصة إنشاءه إلى رسالة من أول رئیس لموريتانيا بعد الإستقلال -المختار ولد داداه - أرسلها فى عام ١٩٦٣م، للرئيس جمال عبد الناصر مطالبًا إياه بالتدخل لانقاذ الهویة العربیة لموریتانیا التى تواجه خطر الضياع ، إذا لم تتحرك مصر بثقلها الثقافي والحضاري من أجل الحفاظ على عروبة موريتانيا.

استجاب جمال عبد الناصر وأمر بإنشاء صرح ثقافى مصري عملاق بموريتانيا للدفاع عن عروبة موريتانيا. ويقع المركز في قلب العاصمة الموريتانية على شارع جمال عبد الناصر الذي يربط المطار بشاطئ الأطلسي القريب من المؤسسات التعليمية ومن مباني المصالح الخدمية المختلفة.
يضم المركز بمكتبة تضم ٢٠ ألف كتابًا فى شتى التخصصات كانت ولا تزال هى أكبر مكتبة فى دولة موريتانيا، و كما يضم المركز قاعة متحف تحوى مجموعات نادرة من الإبداعات الإسلامية والفرعونية تستنطق الماضي المصري التليد منذ ما قبل التاريخ وحتى العقود الأولى لثورة ٢٣ يوليو المجيدة مما يجذب  بعض السياح الاوربيين والآسيويين في عاصمة موريتانيا.
وتتوسط هذه الآثار مجسم للملكة الفرعونية الشهيرة نفرتيتي وبجانبها مجسمات لبعض ملوك الأسرة الفرعونية الأربعة والعشرين. كما يجد الزائر بعض اللوحات التي تجسد الحضارة الإسلامية وتفننت أنامل المبدعين في نحتها بشكل مبهر أثار حفيظة المهتمين بالفن في موريتانيا. ويتمتع الرواد بالوقوف على لوحات لمسجد ابن طولون ومسجد محمد على ولوحات اأرى تبرهن على المستوى الراقي الذي بلغته الدولة المصرية في عصر الدولة الفاطمية.
وتحكي لوحات أخرى الشارع الذي اشتهر باسم عزيز على قلوب الموريتانيين وهو شارع ارتبط اسمه عند بعضهم بالقاهرة حيث لا يزالو يطلقون عليها عاصمة المعز لدين الله الفاطمي.
وتجسد تلك الإبداعات مدى الرقى والتطور الذي وصلت إليه الحضارة المصرية الإسلامية والفرعونية وكيف كان أبناء تلك الحقب يقدرون ويشجعون الفنون باختلاف أنواعها وقدرتها على احتواء الثقافات الأخرى.
ويعد المتحف الآثري بالمركز الثقافي المصري في نواكشوط أحد أهم معالم الحضارة المصرية في الغرب الإفريقي ورافدا أساسيًا في تشجيع وتعريف الموريتانيين والأجانب بعظمة الدولة المصرية وكيف أنها واحدة من أبرز الحضارات إن لم تكن أبرزهم وفق بعض أساتذة الجامعات الموريتانية.
ويقبل أبناء المدارس والجامعات الموريتانية بشكل ملحوظ وطيلة أيام الأسبوع ما عدى الجمعة على هذه التحف التي تنقل وفق المختصين صورة حية للموريتانيين عن العصور الإسلامية بدءاً من ظهور الإسلام مرورًا بالخلفاء الراشدين والدولة الأموية والعباسية والفاطمية والأيوبية والمملوكية والعثمانية وحتى ثورة ٢٣ يوليو الخالدة.
وفي السادس من فبرایرعام ١٩٦٤م،  قام الرئیس الموريتانى المختار ولد داداه بافتتاح المركز الثقافي المصري، وحضرها الافتتاح بعثة مصرية كان قد أوفدها الرئيس ناصر، وألقى الشاعر الموریتاني الكبیر أحمدو ولد عبد القادر قصیدة بعنوان "شعاع الشرق" للثناء على المركز والهدف من وراء إنشاءه.
اهتم المركز بمنح الطلاب الموریتانیین درجة البكالوریا معادلة للدرجة المصریة، وظلت مصر تستقبل سنویًا بعثة تعلیمیة موریتانیة ، وعندما كتب الشاعر الموريتانى الكبیر "شغالي أحمد محمود" قصیدة يمدح فيها مصر، و قرأها الرئيس عبد الناصر، استدعي الشاعر الشاب الي مصر، وعرض علیه الدراسة في مصر وبالفعل درس شغالي في مصر لمدة عامین في كلیة التربیة جامعة عین شمس.

أغلق المركز الثقافى المصرى لعدة سنوات بعد توقيع الرئيس السادات لمعاهدة السلام مع الصهاينة ثم أعيد افتتاحه فى عهد الرئيس مبارك.
ظل المركز الثقافي المصري یدرب أبناء موریتانیا في كافة المجالات ويوفر لهم بعثات تعليمية فى مصر، حتي وصل الأمر في عقد الثمانینيات من القرن الماضى أن تم تشكيل حكومة موریتانیة كان كل وزرائها من خریجي جامعات مصر.