التغير المناخي وتنامي الإرهاب في إفريقيا
كتبت/ دينا عبد الراضي الجنزوري
باحثة ماجستير – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة
تُعد ظاهرة التغيُّر المناخي أبرز التهديدات التي تواجه دول العالم كافة في الآونة الأخيرة؛ حيث إن التداعيات الناجمة عنها لم تعد تقتصر على مجرد تصاعد وتيرة الطقس السيّئ، وموجات الجفاف والتصحر، وأزمات شُحّ المياه، وإنما أصبحت تنطوي على جُملة من التداعيات المتشابكة التي تهدد الأمن الإنساني بأبعاده المختلفة، وذلك في ضوء تأثير الكوارث المناخية التي باتت أكثر تواترًا وحدّة على الأمن الغذائي والمائي، بما يفاقم الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تتعرض لها بعض دول العالم، ويؤثر سلبًا على الاستقرار السياسي؛ حيث تمثِّل ظاهرة التغير المناخي أحد أبرز التهديدات التي تواجه العالم في الآونة الأخيرة، لا سيَّما أن التداعيات الناجمة عن الكوارث المناخية تهدد الأمن الإنساني بأبعاده المختلفة، فلا تقتصر على مجرد تصاعد وتيرة الطقس السيئ وموجات الجفاف والتصحر وأزمات شُحّ المياه، وإنما أصبحت عواقب تغير المناخ أكثر حدة وتشابكًا؛ لارتباطها بالأمن الغذائي، والمائي، والاستقرار الاقتصادي والسياسي، والنزاعات والإرهاب.
وتُعد قارة إفريقيا الأكثر عرضة لعواقب تغير المناخ، رغم أنها الأقل تسببًا به، فرغم أن إجمالي حجم غازات الاحتباس الحراري الإفريقية لا يتجاوز نحو 4% من حجم الانبعاثات العالمية، فإنها تعاني من جُملة من الظواهر المناخية المتطرفة، في مقدمتها الجفاف واضطراب معدلات هطول الأمطار، والتصحر، الأمر الذي يتمخض عن ارتفاع معدلات اللجوء والنزوح البيئي، ومن ثمّ، تزايد الضغوط على البنية التحتية للمناطق الأخرى، والتي غالبًا ما تكون ذات كثافة سكانية مرتفعة، هذا فضلًا عن مفاقمة الضغوط الاقتصادية عليها، بما يُعرض الاستقرار السياسي والاجتماعي لتلك المجتمعات للخطر، ويُسهم في اندلاع النزاعات وتأجُّج الصراعات بين الطوائف والعرقيات المختلفة في دول القارة.
هذا، وتتزايد خطورة الأمر في ضوء علاقة التأثير المتبادل التي تبرز بين ظاهرة التغير المناخي والإرهاب في القارة، بالنظر إلى أن الظواهر المناخية المتطرفة وما يترتب عليها من تصاعد موجات النزوح يغذي الصراعات والتوترات في المنطقة، بما يزيد من هشاشتها، ويوفر مناخًا ملائمًا لصعود الجماعات الإرهابية من ناحية، ومن ناحية أخرى، تُسهم الأعمال التخريبية التي تقوم بها الأخيرة، وخاصة ما يتصل بحرق الغابات، في تزايد الانبعاثات الكربونية. وعلى هذا النحو، يُسلط المقال الضوء على العلاقة الارتباطية بين التغير المناخي والإرهاب في القارة الإفريقية، وتأثيرها على الأمن الإنساني في إفريقيا بالتركيز على منطقة بحيرة تشاد باعتبارها تمثل دليلًا بارزًا على تأثير التغيرات المناخية على الإرهاب في المنطقة.
العلاقة بين التغير المناخي وتنامي الإرهاب في إفريقيا
فيما يتعلق بالعلاقة بين تغير المناخ وتصاعد دور الجماعات المسلحة، تمثِّل التغيرات المناخية حافزًا وداعمًا محوريًّا لتنامي نفوذ الجماعات الإرهابية في إفريقيا، لا سيَّما أن الدول الأكثر عرضة للظواهر المناخية المتطرفة تُعد أرضًا خصبة للنزاعات وارتفاع معدلات العنف، فضلًا عن تنامي المعاناة من الفقر، ومن ثمّ، تكون بيئة مُثلى لتجنيد المزيد من العناصر الإرهابية. وفي هذا الشأن، أشارت منظمة الأمم المتحدة إلى أن 8 دول من بين أكثر 15 دولة عرضة لتغير المناخ تستضيف بعثة للأمم المتحدة لحفظ السلام، وتُعد مالي المثال الأبرز في هذا الصدد.
هذا، وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن الجماعات الإرهابية تقوم بتسليح الموارد في القارة، لا سيَّما الموارد المائية، بما يفضي إلى تفاقم الأزمات التي يعانيها السكان، ومن ثمّ زيادة حالة السخط ضد الأنظمة السياسية، وخاصة في المناطق التي تعاني وطأة التغيرات المناخية.
وفي هذا الإطار، تستفيد الجماعات المسلحة من حالة عدم الاستقرار الناتجة عن التغيرات المناخية، وخاصة في الدول الهشة، وذلك في ضوء عجز حكومات هذه الدول عن تقديم الدعم اللازم لمواطنيها، وتوفير الاستقرار للمواطنين، ولذا تسعى تلك الجماعات إلى سد هذه الفجوة عبر توفير الخدمات الأساسية للسكان؛ لكسب ثقتهم ودعمهم، وتعزيز شرعيتها في هذه الأوساط، ومن ثمّ، استقطاب الشباب إلى صفوفها وتجنيد المزيد من العناصر.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض الدول الإفريقية، مثل: إثيوبيا، وكينيا، والصومال، وجنوب السودان، شهدت بعض الفيضانات وموجات الجفاف التي تعد الأقوى من نوعها في الآونة الأخيرة، وتشير بعض التقديرات إلى أن هذه الظواهر المناخية المتطرفة تُعد عاملًا محفزًا للنزاعات القائمة في تلك البلدان، علاوةً على ذلك، فقد أفضى نقص الموارد المائية في الكاميرون، لا سيما في أقصى شمال البلاد، إلى تصاعد وتيرة النزاعات بين الصيادين والمزارعين هناك، ونزوح ما لا يقل عن 100 ألف شخص داخل الكاميرون وخارجها.
وبناءً على ذلك، حذَّر رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، "موسى فقي محمد"، من أن تفاقم الأوضاع المناخية في إفريقيا، وتزايد معدلات الجفاف، وزيادة الضغوط على الموارد الشحيحة، سيفضي إلى مفاقمة الصراعات، ومن ثمّ، خلق بيئة خصبة لأنشطة الجماعات الإرهابية، ودعا المجتمع الدولي إلى إيلاء المزيد من الاهتمام للعلاقة الارتباطية بين تغير المناخ والإرهاب.
إفريقيا.. الأكثر عرضة لعواقب التغيُّرات المناخية
رغم أن القارة الإفريقية لا تسهم سوى بـ 4% فقط من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على الصعيد العالمي، غير إنها تُعد المنطقة الأكثر عرضة لمخاطر التغير المناخي؛ حيث تعاني القارة السمراء من جُملة من الظواهر المناخية المتطرفة، تأتي في صدارتها موجات الجفاف، واضطراب معدلات هطول الأمطار، والتصحر، وموجات الطقس السيّئ، بما يمثِّل تحديًّا كبيرًا للأمن الإنساني في القارة.
ويشير المقال إلى أن التغيرات المناخية لا تمثِّل أزمة بحد ذاتها، وإنما تتفاقم المخاطر المحدقة بها في ظل ارتباطها الوثيق بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في دول القارة؛ حيث إن الصراع على موارد المياه والغذاء الشحيحة يفضي إلى زيادة حدة التوترات وأعمال العنف على الصعيد المحلي، فضلًا عن أن انعدام الأمن الغذائي، وفقدان سبل العيش التي تعتمد في المقام الأول على مهنة الزراعة، يؤدي إلى تصاعد موجات النزوح والهجرة القسرية، بما يزيد الضغوط على البنية التحتية الضعيفة في بعض المناطق، علاوةً على أن انتشار بعض الأمراض والأوبئة يفاقم الضغوط على أنظمة الرعاية الصحية المتهالكة، الأمر الذي يفضي إلى سلسلة ممتدة من الأزمات في جميع أنحاء إفريقيا، خاصًة في السودان، والصومال، وحوض بحيرة تشاد، ومالي، وغرب إفريقيا، ودول الساحل الإفريقي.
وأوضح المقال أن التداعيات السلبية للتغيرات المناخية لا تقتصر على الصعيد المحلي فحسب، وإنما قد تؤدي إلى توتر العلاقات بين دول القارة، لا سيَّما فيما يتعلق بالأنهار والأحواض العابرة للحدود، ويُعد الصراع في حوض بحيرة تشاد المثال الأبرز على ذلك في هذا الصدد.
ويرجِّح المقال استمرار الأمن المائي كأحد أبرز التحديات ذات الصلة بعواقب التغيُّر المناخي في القارة الإفريقية، وذلك في ضوء تشابك التداعيات الناجمة عنه، وارتباطه الوثيق بالأمن الغذائي ومستقبل معدلات الهجرة القسرية والنزوح، فضلًا عن أنه مُحدد رئيس لاندلاع أعمال العنف على الصعيد المحلي، وتأجُّج النزاعات على الصعيد الإقليمي